ومنها : أنّ الوضع في عمومه وخصوصه يتبع التعهّد ، فيمكن عمومه في جميع الأزمان والحالات ، ولجميع الأشخاص ، كما هو الحال في سائر الألفاظ الموضوعة . ويمكن أن يختص ببعض ذلك فيكون موضوعا لقوم دون آخرين ، وبزمان معيّن ، وإلى أجل مضروب ، وهذا وإن كان نادر الوقوع ، ولكنه بمكان من الإمكان . ولعلّ منها : تسمية الأطفال بأسماء لا تناسب الكبار ، ومخاطبتهم بألفاظ لا تناسب إلاّ ألسنتهم وحالاتهم ، وهكذا الألفاظ التي لا يتفوّه بها إلاّ الأنذال [1] ، ويأنف منها الأشراف . بل قد يرجع عن التعهّد في استعمال خاص كما في المجاز عند أستاذنا المؤسّس [2] لأساس التعهّد - سقى اللَّه معهده - وإن كان لي فيه نظر ستعرف وجهه في بحث الاستعمال . ومنها : أنه كما يمكن وضع اللفظ لمعنى واحد ، يمكن وضعه لمعان متعدّدة ، وجمل شتّى مختلفة غير مرتبطة من غير لحاظ التركيب ، كما لو قال : إني متى طلبت الماء ، وأردت الإخبار عن قيام عمرو ، ومجئ زيد ، والنهي عن الكلام ، أتكلَّم بهذا اللفظ . ولهذا الكلام مزيد توضيح وبيان سيأتي في خلال المباحث الآتية إن شاء اللَّه تعالى . ومنها : أنّ الوضع هو تعهّد الاستعمالات الآتية ، فلا معنى للوضع إذا لم يلحقه الاستعمال ، كما أنّ الاستعمال - كما سيأتي - هو الوفاء بالتعهّد ، أعني الوضع ، فلا وضع لو لا الاستعمال ، ولا استعمال لو لا الوضع .
[1] جمع نذيل : الخسيس من الناس والمحتقر في جميع أحواله . الصحاح 5 : 1828 ، القاموس المحيط : 4 56 ، مجمع البحرين 5 : 480 ( نذل ) . [2] صاحب تشريح الأصول ( مجد الدين ) .