عبارة لينتقل السامع بنفسه إلى اللفظ الَّذي فيه غضاضة . ولمّا أراد القرآن الكريم بيان أنّ الرسل الكرام - على جميعهم ولا سيّما على خاتمهم السلام - يشاركون سائر البشر في أخسّ اللوازم البشرية ، ولم يكن يناسب التصريح به منه تعالى ولا سيّما في حقّ الرسل الكرام عبّر عنه بأكل الطعام وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام [1] في قول جمع من المفسّرين . ونرى للحاجة التي لا يقضيها غير صاحبها تفسيرات تنيف على العشرة والعشرين ، وجميعها لوازم وكنايات ، وعلى هذا فقس الحسن . ولا تنس ما ذكرت لك أنّ الحسن والقبح للتلفّظ لا للَّفظ ، وإلاّ فاللفظ بنفسه لا يكون حسنا ولا قبيحا إلاّ إذا عاد لفظ ( الشهد ) حلوا و ( الخلّ ) حامضا . ويكفي لإفحام هذا المتوهّم أنّ هذا القبح موجود بعينه في الإشارة باليد ونحوها ، وربما يكون أقبح وأفحش ، مع أنّ الإشارة عندهم من باب العلامة للاستعمال . قالوا : إنّ الاستعمال رمي للمعنى باللفظ . قلنا : هذا أيضا لا يقصر في الخفاء عمّا سبق . . ولا ندري متى تحوّلت حروف ( أباجاد ) إلى قسي [2] نرمي بها جميع الموجودات من أسفل الأرضين إلى أعلى السماوات . ولمّا بيّن ذلك الأستاذ ( صاحب الكفاية ) في مجلس الدرس قلت له : أترى أنّي إذا قلت لك : الحجر ، رميتك به ؟ فقال : نعم بالحمل الأوّلي . قلت : حاشا أن أتجاسر بذلك بجميع أنحاء الحمل . فأغرب الحاضرون ضحكا ولم ينبس ببنت شفة .