وعلى هذا النّول [1] نسج غيرهما برود [2] الاعتراض ، ولا حاجة بنا إلى نقل مقالهم . ويا سبحان اللَّه كيف جاز لهؤلاء الأعلام أن يعمدوا إلى كلام عميدهم الَّذي بهدايته يهتدى في حالك الظلام ، فيحملوه على أمر واضح ضعفه ، بيّن فساده ؟ . أ حسبوا أنّ على مثله يخفى أنّ الأمر بجميع أقسامه يقتضي الإجزاء عقلا ، بمعنى أنّ إتيان متعلَّقه موجب لسقوطه بحكم العقل ؟ . أ بمثله يظنّ القول بأنّ المكلَّف إذا أتى بالمأمور به بشروطه وشطوره لا يبرأ ذمته إلاّ بخطاب شرعي مؤذن بأنّي قد أبرأت ذمّتك ؟ . وما الَّذي عدل بهم عن الحق الأبلج الَّذي أراده وأوضحه بضروب العبارات ، من أنّ الواجب بحكم العقل تحصيل العلم بالامتثال الحاصل بأحد أمرين : الإتيان بالواقع الأصلي أو الواجب الجعلي ؟ وما الثاني لدى الحقيقة إلاّ سلوك الطريق الَّذي يرضاه الشارع إليه ، ويعذره إن أخطأ الواقع ولا يعاقب عليه ، بل العلم أيضا طريق شرعي أيضا على ما سبق تصريحه به . فمن الحيف عليه قول الأستاذ المتقدّم ذكره في جواب ما أورده على نفسه بما لفظه : « لعلَّه لأجل أنّ العلم عنده طريق شرعي أيضا ، كما صرّح به فيما نقله عنه في الكتاب » ما نصّه : « لأنّا نقول : - مضافا إلى أنّه ما ادّعاه هاهنا ، ولا بنى عليه فيما صار بصدده في المقدّمة ، بل جعل العلم بمصادفة الأحكام الواقعية الأوّلية فيها مقابلا للعلم بأداء الأعمال على وجه أراده الشارع في الظاهر ، وحكم معه بتفريغ الذّمّة بملاحظة الطرق المقرّرة لمعرفتها ، وقد صرّح بكون العلم طريقا
[1] النول : الخشب الذي يلف عليه الحائك الثوب . الصحاح 5 : 1836 ( نول ) . [2] البرود جمع ، واحدها برد . وهو : ثوب مخطط . القاموس المحيط 1 : 286 .