فهو - إذن - من هذه الجهة كالأصول العمليّة ، إن بالغت قلت : إنّه برزخ بينها وبين الدليل ، وإن حاولت الصدق قلت : إنّه أدون منها من عدّة جهات لا يثبت به حجّة ، ولا يهتدى به إلى محجّة ، وأين هذا ممّا يحاوله الفقيه من التخصيص والتقييد للعمومات والإطلاقات ، والحكم بمؤدّاها عند وجودها ، والرجوع إلى الأصول لدى فقدانها ؟ إلاّ أن يقرّر النتيجة على وجه الكشف ، فإنّه على بعض وجوهه يهون به الخطب ، لكنّه دعوى فاسدة ما بنيت إلاّ على أصل فاسد ، كما تعرفه في محلَّه . الخامس : تنحصر التكاليف الفعلية عندهما فيما كان مؤدّى طرق مخصوصة ، وقد عرفت أنّها الكتاب والسنّة وما يؤول إليهما ، فلا تكليف فعلي منجّز ليس بمؤدّى طريق شرعي . أمّا صاحب ( الفصول ) فقد مرّ من كلامه ومن شرحه ما فيه الكفاية . وأمّا صاحب ( الهداية ) فكلامه طافح [1] به ما بين تصريح وتلويح ، وقد قال في أواخر الوجه الثاني ما نقله الشيخ في خاتمة اعتراضاته على ( الفصول ) ويأتي ذكره ما هو صريح في أنّ أحد التكليفين - أي : الواقع والطريق - منوط بالآخر مقيّد به . وقال في أثناء تقريب دليل الانسداد على الوجه المعروف ما لفظه : « وإن أريد به عدم اقتضائه - يعني الاشتراك في التكليف - تعيّن تلك التكاليف علينا بحسب الواقع مع عدم إيصال الطريق المقرّر في الظاهر للإيصال إليها فمسلَّم [2] . وقال في أثناء تقريب آخر لهذا الدليل ما نصّه : « فالحاصل أنّه لا تكليف بالأحكام الواقعية إلاّ بالطريق الموصل إليها ، فيجدر القول بتكليفنا بالأحكام