الخبر الصحيح ، والإجماع المنقول متيقّن بالنسبة إلى الشهرة وما بعدها من الأمارات ، إذ لم يقل أحد بحجّية الشهرة وما بعدها دون الخبر الصحيح والإجماع المنقول ، فلا معنى لتعيين الطريق بالظنّ بعد وجود القدر المتيقّن ، ووجوب الرجوع إلى المشكوك إلى أصالة حرمة العمل ، نعم لو احتيج إلى العمل بإحدى أمارتين ، واحتمل نصب كلّ منهما صحّ تعيينه بالظنّ بعد الإغماض عمّا سيجيء من الجواب » ( 1 ) . أقول : لا يخفى على من تأمل عبارة الفصول ، أنّ مبنى كلامه على عدم وجود القدر المتيقّن ، وهذا صريحه من أوله إلى آخره ممّا نقله الشيخ وممّا أسقطه منه ، وكأنه - طاب ثراه - لم يعط التأمّل فيها حقّه ، وإلاّ ما كان يخفى مثله على مثله ، وأنا الضمين بأن لا يخالف صاحب الفصول مرسومه ، ويجري على اقتراحه من الأخذ بالمتيقّن لو وجد بمقدار الكفاية ، ويرجع في غيره إلى الأصول العمليّة أو إلى أصالة حرمة العمل كما ذكره ، وكأنّه فرض وجود القدر المتيقّن كما يؤيّده قوله بعد ذلك : سلَّمنا عدم وجود القدر المتيقن ( 2 ) ، ولكن لا يخفى أنّ جميع هذا التعب وتحمّل العناء والنصب لعدم وجود القدر المتيقّن بقدر الكفاية ، وإلاّ لم يبق موضع لدليل الانسداد ولا لما يدخل في بابه . عاد كلامه : « سلَّمنا عدم وجود القدر المتيقّن ، لكن اللازم من ذلك وجوب الاحتياط لأنّه مقدّم على العمل بالظنّ لما عرفت من تقديم الامتثال العلمي على الظنّ ، اللهم إلاّ أن يدلّ دليل على عدم وجوبه ، وهو مفقود في المقام » إلى آخره ، ثم أخذ - طاب ثراه - في دفع ادّعاء أنّ العمل بما ليس طريقا حرام ( 3 ) ، ولا يهمّنا