وأورد عليه الشيخ - طاب ثراه - بما حاصله : منع عدم كون قبح التجرّي ذاتيا ، بل هو ذاتي كالظلم ، بل هو قسم منه ، فيمتنع عروض الصفة المحسّنة له ، ومع تسليمه فلا شك في كونه مقتضيا له ، فيبقى على قبحه ما لم يعرض له جهة محسّنة وهي منتفية في المقام [1] . وقال أيضا : إنّ التجري إذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقاباهما [2] . وأورد عليه : بأنه لا وجه للتداخل ، مع كون التجرّي عنوانا مستقلا في استحقاق العقاب ، لأنه إن أراد وحدة العقاب فهو ترجيح بلا مرجّح ، وإن أراد به عقابا زائدا على محض التجرّي فهذا ليس تداخلا ، لأنّ كلّ فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد عقابه على ما كان فيه أحدهما [3] . أقول : أما كلامه الأول فلو شئنا تفصيل القول فيه ، لأفضى بنا إلى الإطالة ، ويكفي أن نقول : إنّ الَّذي دعاه إلى هذا التفصيل هو الوجدان الحاكم بالفرق بين التجرّي بترك ما كان حراما في الواقع وبين التجرّي بغيره ، كما يظهر من الأمثلة الثلاثة [4] التي ذكرها ، وهذا ما جنح إليه الشيخ بنفسه ، بل اعترف به ، وقال قبل ما نقله عن ( الفصول ) بلا فصل ، ما نصّه : « الظاهر أنّ العقل يحكم بتساويهما - من صادف قطعه الواقع ومن لم
[1] فرائد الأصول : 6 . [2] الفصول الغروية : 87 . [3] فرائد الأصول : 7 . [4] [ الأمثلة الثلاثة هي ] : 1 - لو اشتبه عليه مؤمن ورع عالم بكافر واجب القتل ، فحسب أنه ذلك الكافر فتجرّى ولم يقتله . 2 - لو جزم بوجوب قتل نبي أو وصي فتجرّى ولم يقتله . 3 - أمر عبده بقتل عدوّه فصادف ابنه ، وزعمه ذلك العدوّ ، فتجرّى ولم يقتله . ( منه ) . وانظر الفصول الغروية : 431 - 432 .