من الاختلاف بينهما ليس بأمر هيّن . أ ليس العقل يحكم بعدم إمكان انتقال العرض عن المعروض ؟ وأهل العرف يحكمون بانتقال لون الحنّاء إلى الكف ، وعدم وجود أجزائه فيه ، ويحكم الفقهاء بحكمهم ، فيقولون بطهارة الأجسام المصبوغة بالأصباغ النجسة . أليس الموضوع في أكثر موارد الاستصحاب ممّا يحكم العقل بعدم بقائه ويخالفه العرف ؟ وكيف نفذ حكم العرف في البقاء وعدمه ولم ينفذ في الاجتماع وعدمه ؟ وبالجملة مخالفة العقل والعرف في موارد لا تحصى كثرة ليس بالأمر الَّذي يخفى على مثله ، ولعلَّه - طاب ثراه - يريد أمرا وراء ما فهمنا من كلامه . وقال بعض أهل العصر ما لفظه : « لعلّ الوجه فيه أنّ متعلَّق الأمر والنهي يكون متعدّدا بالنظر الدّقيق العقلي ، بناء على تعلَّقهما بالطبائع ، حيث إنّهما متعدّدان ذاتا ، وفي مقام تعلَّق الأحكام ولو كانا موجودين بوجود واحد يكون واحدا بالنظر المسامحي العرفي في مقام صدورهما عن المكلَّف بلحاظ كونهما موجودين بوجود واحد » . ثم أورد على هذا الوجه - الَّذي لم يظهر لي معناه - بكلام طويل ، إن تمّ فهو وارد على ما توهّمه لا على صاحب هذا القول ، إلى غير ذلك ممّا لا أملك بنقله . ومرجع الجميع حمل عدم الجواز العرفي في كلامه على الإمكان ، ومرجع الاعتراضات إلى أنّ الحكم بالإمكان وعدمه ليس من وظيفة العرف . والظاهر أنّ الوجه اللائق بمثل قائله : أنه يريد عدم الجواز في مقام الامتثال بمعنى أنّ أهل العرف لا يرون إتيان المأمور به في ضمن الفرد المنهيّ عنه امتثالا للأمر . وقد تكرّر في كلامهم أنّ الحكم في مقام الامتثال للعرف ، ولم يزل العلماء يستدلَّون بمثله في أمثال المقام ، ويقولون : لو فعل كذا عدّ في العرف ممتثلا ، أو لم يعدّ فيه ، وإذا نازعهم خصمهم ، فلا ينازع كنزاع هؤلاء ، بل ينازع في الصغرى ،