وانظر إذا أردت توضيحه بالمثال إلى حال السوقة [1] مع الملوك ، فإنّ المثول [2] بين أيديهم للخضوع والتعظيم قد يكون لازما لا يرضى الملك بتركه كأيام المواسم والأعياد ، وقد يكون محبوبا من غير لزوم كسائر الأيام ، وقد يكون مبغوضا لديه كما إذا كان الماثل في حال لا ينبغي حضوره لديه ، أو كان الملك في حال لا يجب تعظيمه ، بل يبغضه أشدّ البغض كما لو كان مختفيا من عدوّ يرصده ، فلو عظَّمه أحد بالتعظيم المختصّ له عرفه العدوّ فقصده . وإذا صحّ عند وجدانك أمثال هذا المثال وإن كان اللَّه لا يضرب له الأمثال ، فقس عليها الصلاة ، فما هي إلاّ المثول بين يديه تعالى ، كما يرشد إليه قولهم عليهم السلام : « الصلاة معراج المؤمن » [3] تجب في الأوقات الخمسة ، وتستحب في كثير من الأوقات ، وتكره في الأوقات الثلاثة ، وتقع من الطاهر دون الطامث ، لكونها في حالة قذرة لا تصلح لها معها . وإن شئت مثّلها بالهديّة ، كما يشير إليه قولهم عليهم السلام : « الصلاة بمنزلة الهديّة » [4] فكما أنها تتحقق بالأمور الثلاثة وهي قابلة للأحكام الخمسة ، وتختلف باختلاف أحوال المهدي وزمان الإهداء ، فلتكن الصلاة كذلك . وما الَّذي يمنع من القول بأنّ صلاة الحائض حرام شرعي لا تشريعي ، وأنّ صلاتها وهي حائض كتركها لها وهي طاهر ؟ وما الَّذي يدعو إلى تأويل ظواهر السنّة وفتاوى الأصحاب بأنّ المراد منها المانعيّة وموانع الصلاة كثيرة ؟ ولأمر ما خصّ الحيض بهذا التعبير ؟ وأظنّك لا تحتاج إلى زيادة توضيح ، وعلمت أنّ الأمر يتعلَّق بالعبادة ، لا أنها
[1] السوقة : الرعية . مجمع البحرين 5 : 188 ( سوق ) . [2] أي : القيام منتصبا . مجمع البحرين 5 : 471 ( مثل ) . [3] لم نعثر عليه في المصادر الحديثية . [4] الكافي 3 : 454 / 14 ، التهذيب 2 : 267 / 1065 و 1066 ، الاستبصار 1 : 278 / 1009 و 1010 .