مرّ في تلك المسألة . ويكفي للجواب هنا ما في الفصول من أن ترك جميع أفراد الغصب غير ممكن لوقوعه ، والعقل والنقل يبيّنان زمن الخروج وقد مرّ بألفاظه فراجع . وتخلَّف زمان باعثيّة النهي عن زمان المعصية غير عزيز ، وظاهر من القاعدة التي ذكرها ، والأمثلة التي مثّل بها ، فمن ترك المسير إلى الحج لا شك أنّ زمان سقوط النهي بمعنى عدم تأثيره في ذي القعدة مثلا ، وزمان المعصية ذو الحجة ، وهكذا ، وللَّه تعبير الفصول عن هذا المعنى بقوله : « يجري عليه حكم المعصية » [1] . وأما قول المحقق الفاضل المقرّر طاب ثراه : « وأما ما استند إليه في دفع ذلك من اختلاف الزمان ، ففيه خبط ظاهر لا يليق بأهل النّظر ، فكيف بمن [2] هو بمنزلة ربّهم » [3] . وإنما أقول : لو كان مراده هذا الَّذي فهمه من كلامه ، وفهمه جميع من تعرّض له ، واعترض عليه فهو كما قال ، وأنا أزيد عليه وأقول : لا يليق بصبيان الكتّاب [4] ، فكيف بمصنّف مثل هذا الكتاب ، لأنهم حملوا كلامه على أنه يقول في زمان التخلَّص هو حرام بالنهي السابق ، وواجب بالأمر اللاحق فهو مأمور به ، ومنهي عنه معا فيجب فعله وتركه ، وجعلوه بمنزلة قول القائل : لا تهن زيدا في داري وأهنه حال خروجه . من غير أن يكون الأمر مقيّدا للنهي ولا ناسخا له ، وحاشاه وحاشا كلّ عالم ، بل كلّ عاقل من هذا السخف .
[1] الفصول الغروية : 138 . [2] هذا هو التعبير الَّذي ينبغي من محقّق مثله عن مثل هذا العلاّمة ، لا ما تعوّد قلمه من لفظ بعض الأجلَّة لا غير ، وما زالت الأشراف يهجا ويمدح . ( منه ) [3] مطارح الانظار : 156 - 155 . [4] الكتاب : المكتب . الصحاح 208 : 1 ( كتب ) .