والماهيّة بالعرض ، كما يقوله القائل بأصالة الوجود ، أو العكس ، كما يقوله القائل بأصالة الماهيّة ، وحينئذ فإذا ثبت في الخارج أمر ذو جهتين ، فإن كان تعدّد الجهة موجبا لحلَّه إلى جهتين فليكن كافيا في حلَّه إلى موجودين ، فيجوز الاجتماع ، وإلاّ فلا مناص عن المنع بناء على كلّ من المذهبين . وبالجملة مناط البحث كفاية تعدّد الجهة في حلّ الثابت الخارجي - وجودا كان أو ماهية - إلى شيئين وعدمه ، ولا يفرق في ذلك كون الوجود أصلا والماهية منتزعة عنه ، أو كانت هي الأصل والوجود منتزعا عنها . أقول : ما قرروه من الواضح الَّذي لا يخفى على أضعف محصّل عرف معنى النزاع في تلك المسألة ، ومغزى الخلاف فيها ، فكيف يخفى على إمام شهدت فصول فصوله بأنه نسيج وحده في منقول العلم ومعقوله ؟ وحاشا مثله عن غلط مثله . وجليّة الحال أنه لمّا اختار القول بالامتناع استدل عليه بوجهين وقال بعد الفراغ عن تقرير الدليل الأول ما نصّه : « واعلم أنّ هذا الدليل يبتني على أصلين : أحدهما : أن لا تمايز بين الجنس والفصل ولو أحقهما العرضية في الخارج كما هو المعروف ، وأمّا لو قلنا بالتمايز فلا يتمّ الدليل . الثاني : أنّ للوجود حقائق خارجيّة ينتزع منها هذا الأمر الاعتباري ، كما هو مذهب أكثر الحكماء وبعض محققي المتكلمين . وأما إذا قلنا بأنه مجرّد هذا الأمر الاعتباري ينتزعه العقل من الماهيّات الخارجيّة ولا حقيقة له في الخارج أصلا ، كما هو مذهب جماعة ، فلا يتم الدليل أيضا ، ولكن الأصل الأول مما لا يرتاب فيه أكثر المخالفين في المسألة إن لم يكن كلَّهم . وإنما المنازع فيه شاذ ، ومع ذلك فهو من الأمور الجليّة التي أقيم عليه البرهان في محلَّه .