عن الوجه في جواز أمر الشارع بالموسّع مع تعلَّق بعثه الفعلي إلى التقديم الَّذي مرجعه إلى إتيان المضيّق فورا ، بل نهيه عن الموسّع بناء على اقتضاء الأمر النهي عن ضدّه . هذا ، وأما ما ذكره في تضييق الوقت فالوجه فيه ظاهر ممّا مرّ في مقدّمات الترتّب من أنّ الحكم في مرحلة الامتثال للعقل وحده ، وحكمه تقديم الأهم إن كان أحدهما أهمّ ، وإلاّ فالتخيير ، فلا يصح قوله ، مع أنه لا دليل على الترجيح في الأول ، ولا نقول بالترجيح في الثاني ، ولا يمكنه القول به أيضا على مبناه ، ولا بدّ له من الإذعان بما قلناه ، إذ لا أمر بالتقديم في المتساويين قطعا . هذا كلَّه في بيان تصور الأمر بالضدّ إذا كان عبادة . وقد يدّعى عدم لزوم وجود الأمر في تصحيح العبادة ، وأنه يكفي ملاكه ، كما قال في الكفاية : « لا وجه لصحّة العبادة مع مضادتها لما هو أهمّ منها إلاّ ملاك الأمر » [1] وقد سبق بعض النّظائر له والكلام . وهذا له وجه على ما قررناه من عدم توقف العبادة على وجود الأمر ، بل يكون عبادة ولو مع النهي ، ولكن كيف يقول به إذا جعل قصد الأمر مقوّما لمعنى العبادة ؟ فإنه لا مجال لتوهّم الأمر إذا كانت مزاحمة له في تمام الوقت كما صرّح به . هذا آخر ما أردنا إيراده في مباحث الأوامر ، ويتلوه القول في النواهي إن شاء اللَّه ، وللَّه الحمد والفضل ، وعلى نبيّه وآله الصلاة والسلام .