« إن قلت : فرق بين الاجتماع في عرض واحد وبين الاجتماع كذلك [1] , فإنّ الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر ، بخلافه في الثاني ، فإنّ الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم ، فإنّه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم ، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه وعدم عصيان أمره . قلت : ليت شعري كيف لا يطارده [2] الأمر بغير الأهمّ ، وهل يكون طرده له إلاّ من جهة فعليّته ومضادة متعلَّقة للأهم ؟ والمفروض فعليّته ومضادّة متعلَّقه له ، وعدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الإتيان به وعصيان أمره ، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادّة بين المتعلَّقين ، مع أنه يكفي الطَّرد من طرف الأمر بالأهم ، فإنّه على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضدّ كما كان في غير هذا الحال فلا يكون له معه أصلا مجال » [3] . أقول : ما ذكره رحمه اللَّه أقوى شبهات منكر الترتّب ، وأنفذ سهم ( 3 ) في كنانته ( 5 ) ، وبالتأمّل فيما عرفناك به تعلم أنّ كلا من الأمرين لا يطارد الآخر ، أمّا أن المهمّ لا يطارد الأهمّ فلأنه مشروط بعصيان أمر الأهمّ الَّذي هو مرتبة سقوطه عن التأثير ، ولا وجود لطلبه في هذه المرتبة ، فضلا عن فعليّته ، كما أنّه مع عدم العصيان لا وجود لأمر المهمّ ، ولهذا لو فرض - محالا - وجودهما معا في الخارج لم يكن الواجب إلاّ الأهمّ لعدم وجود شرط الأمر بالمهمّ . نعم كانت المطاردة تتمّ بينهما لو كان تحصيل شرطه واجبا ، وهذا خلاف
[1] أي على نحو الترتب . ( مجد الدين ) . [2] الضمير يرجع إلى طلب الأهم وهو مفعول ، والفاعل هو الأمر بغير الأهم والتقديم لأجل ضميريّة المفعول متصلا . ( مجد الدين ) . [3] كفاية الأصول : 135 . ( 4 ) أي أقوى السهام أثرا ونفوذا . ( مجد الدين ) . ( 5 ) الكنانة : جعبة السهم ، وبالفارسية ( تركش ) والضمير فيه راجع إلى منكر الترتب . ( مجد الدين ) .