نظرة في شعره : عالج أبو المجد في شعره أغراضا إخوانية أكثر من غيرها فقد مدح أناسا كان يكبرهم ويقدّر شخصيّتهم ، ويراهم أهلا للإكبار والتقدير ، وأكثر هؤلاء ذكرا في شعره وجوه علماء آل كاشف الغطاء ، وجماعة من معاريف شعراء عصره ممّن كان له بهم صلات وديّة ومساجلات شعرية ، وربما هجا أناسا اصابته منهم آلام روحية ، ولكن بأبيات قليلة ذات محتوى مقذع . وبعد إخوانياته تأتي المعاني الأخرى التي طرقها في شعره في مقاطيع قصيرة لا تتجاوز الأبيات ، وهي مع قلَّة الأبيات مفعمة بالمعاني الراقية والصنائع البديعية وألوان من التورية والجناس وغيرهما من اللطائف التي تطرب القارئ المتذوق . والميزة التي اتفق عليها واصفو شعره التركيب العربي الَّذي لا تشوبه العجمة ، ولا يسري إليه الضعف اللغوي الموجود في شعر كثير من أبناء الفرس الذين يعانون الشعر العربي وينظمون في هذه اللغة ، فكأنّه خلق عربيّا في بيئته وثقافته ولم يزاول لغة أخرى تشوب لغته الخالصة . قال الأستاذ علي الخاقاني يصف مواهب أبي المجد الشعرية : « لا مجال لأيّ أديب أن يجحف حق الأصفهاني وأدبه الَّذي فاز به على كثير من أدباء العرب ، ومن تأمّل في سيرته لا شك يرى أنّ المترجم له قد تجلَّت فيه بعض ظواهر العبقرية فإحاطته بالأدب ، وفهمه لأسراره ، وتوغله بالتتبع ووقوفه على المفردات اللغوية تدلَّنا على ذكاء وحافظة نادرين ، وشعره تأثر فيه بالصفي الحلي ومدرسته ، فقد عشق البديع وأنواعه ، وتأثر بالنكات الأدبية الدقيقة ، ولا يكاد يخلو كل بيت له من ذلك ، وتفوقه في المعنى هو من فهمه للأدب الفارسي الَّذي عرف بسعة الخيال والابتكار في المعاني ، فلا بدع - إذن - امتيازه في