وجعل من ثمرات ذلك : جواز الأمر وصحّة العبادة فيما إذا كانت المقدّمة المحرمة حاصلة أثناء الاشتغال بالواجب كالاغتراف من الآنية المغصوبة في الطهارة الحدثيّة مع الانحصار [1] . وأورد [2] عليه - زيادة على ما مرّ - بوجهين : أولهما : أنّ التكليف بالحجّ في الفرض المذكور ، والوضوء مع انحصار المقدّمة في الحرام تكليف بالمحال ، لأنّ النهي عن الاغتراف باق بحاله حال التوضّؤ ، ومجرّد العلم بالعصيان لا يوجب زوال النهي . وثانيهما : اجتماع الأمر الغيري والنهي النفسيّ في شيء واحد ، إذ الاغتراف مأمور به لكونه مقدّمة للواجب ، ومنهي عنه لكونه غصبا ، وهذا محال حتى لدى مجوّزي اجتماع الأمر والنهي ، لأنه من قبيل الآمري [3] الَّذي لا يجوّزه المجوّزون له . أقول : ظنّي أنّ صاحب الفصول كان في غنى بما عنونه أوّلا عن هذا العنوان ، إذ التعليق في كليهما تعليق على غير المقدور إلاّ أنّ ذلك غير مقدور عقلا ، وهذا غير مقدور شرعا ، ومن المقرّر أنّ العذر الشرعي كالعذر العقلي فيشملهما معا عنوان التعليق على غير المقدور . وأما الاعتراضان ، فقد أجاب - طاب ثراه - عن أوّلهما بقوله : « والَّذي يدل على المذهب المختار أنّ ما دلّ على عدم وجوب الواجب عند حرمة مقدّمته المتعيّنة هو لزوم التكليف بالمحال ، ولا ريب أنه إنما يلزم ذلك لو كلَّف بالواجب مطلقا على تقدير الإتيان بالمقدّمة المحرّمة وعدمه ، وأما لو كلَّف به مطلقا على تقدير الإتيان بها خاصة فلا ، فيبقي إطلاق الأمر بحاله ، فيرجع حاصل التكليفين إلى مطلوبيّة
[1] الفصول الغروية : 80 . [2] المورد : المحقق الرشتي في بدائع الأفكار : 324 . [3] أي : أنّه من قبيل اجتماع الأمر والنهي في مرحلة الإنشاء ويقابله : المأموري . أي : الاجتماع في مرحلة الامتثال .