على التعلَّم وعلى تركه ، ولا مصلحة لك فيه إلاّ أن ترشّحه لمباشرة الدّفاتر ، ثم تأمره بها ، وتارة تأمره بها ابتداء فيجب عليه التعلَّم لوجوبها ، والغرض في الصورتين واحد ، والأمران مختلفان ، وما نشأ الاختلاف إلاّ من الَّذي نبّهناك عليه . وأما التقسيم إلى الأصلي والتبعي فإن كان لا بدّ منه [1] ، فليكن الأصلي ما فهم وجوبه بخطاب مستقل ، والتبعي ما فهم وجوبه تبعا لخطاب آخر ، والفرق بين هذا التقسيم وبين التقسيم الأول : أنّ هذا تقسيم في مقام الإثبات ، والأول في مقام الثبوت . وعليه [2] فيتصوّر القسمان في الواجب النفسيّ ، ويختص الغيري بالتبعي إلاّ أن يكون الخطاب بالمقدّمة أصليّا لغرض الإرشاد ، وبيان المقدّمية . هذا ، ولكن الَّذي يظهر من الشيخ الأعظم تفسير الأصلي بما فسّرنا به الغيري ، والظاهر المصرّح به في كلام بعض الأساطين [3] أنه لم يثبت اصطلاح لهم في هذا التقسيم ، فلا ينبغي صرف الوقت في الاصطلاح الَّذي لا مشاحّة فيه . وبما عرّفناك من حقيقة الأمر في الأمر الغيري ، تعرف أنه لا يمكن أن يكون محرّكا نحو الفعل ، ولا داعيا إليه ، لأنه إن كان مريدا لذي المقدّمة فهو مريد لها بالضرورة وإن لم يتعلَّق بها أمر أصلا ، وإلاّ فلا يعقل إتيانه ولو تعلَّق بها ألف أمر . ولهذا [4] وقع الإشكال في المقدّمات العباديّة بناء على تفسير القربة بقصد الأمر ، وانحصر التخلَّص عنه بالالتزام بكونها محبوبات ذاتية ، أو بقصد الأوامر
[1] إشارة إلى عدم لزوم هذا التقسيم ، وعدم ترتب فائدة مهمة عليه . ( مجد الدين ) . [2] أي بناء على هذا . ( مجد الدين ) . [3] الظاهر أنّ هذا البعض هو الشيخ حبيب اللَّه الرشتي صاحب البدائع تلميذ شيخنا الأنصاري المتقدم ترجمته . ( مجد الدين ) . [4] أي ولأجل عدم إمكان كون الأمر الغيري محرّكا نحو الفعل ، ولا داعيا إليه . ( مجد الدين ) .