اللبيب ، فقال : قد تخرج الهمزة عن معناها الحقيقي فترد لثمانية أمور [1] . وقد سبق الكلام فيه في بحث الاستعمال . أحسنهما [2] : الثاني ، كما اختاره بعض مشايخنا . وأقوى أدلة القائلين بوضع الصيغة للوجوب وهو التبادر ، لا يدلّ على أزيد من استحقاق تارك الامتثال الذمّ والعقاب بمجرد الترك ، ولا يدلّ على أنه لظهور اللفظ في الوجوب ، بل التأمل الصحيح يشهد بأن العقلاء لا يسندون الذم على المخالفة إلى ظهور اللفظ في الوجوب ، فضلا عن كونه معناه ، بل يسندونه إلى مخالفة الطلب ولو لم يكن بصيغة الأمر ، ويرون الطلب بنفسه مقتضيا للامتثال ، ولا يكترثون باعتذار المأمور بأن الطلب له فردان ، ولم أعلم بأنّ المراد من الطلب هو الفرد الإلزاميّ . لا يقال : إنّ اللازم من هذا البيان الحكم بالوجوب فيما ثبت فيه الطلب بالدليل اللَّبي ، مع أنه لا يحمل عليه إجماعا ، ولا شك أنه مورد أصالة البراءة . لأنا نقول : إن كان مفاد الدليل اللبي صدور اللفظ الدال على الطلب وشبه اللفظ فإنّا لا نلتزم بجريان البراءة ، بل نقول باتحاد الحال فيه مع غيره ، ولا نرى فرقا بين أسباب العلم بالطلب وإن كان مفاده صرف الرجحان والمحبوبية ، فمثله لا يوجب الإلزام ولو بسماعه من شفتي الآمر ، بل ليس هذا بأمر حقيقة كما سيتضح لك ذلك بما نبيّنه من معنى الطلب . ( المطلب الثاني ) : في بيان معاني بعض الألفاظ المستعملة في هذه المباحث كالوجوب والندب . قد يقال : إن الوجوب أو الإيجاب هو طلب الفعل مع المنع من الترك ، والندب طلب الفعل مع عدم المنع عنه ، وعلى هذا فالفصل في حدّ الوجوب
[1] مغني اللبيب : 1 : 24 . [2] أي : أحسن الوجهين الذين سبق ذكرهما آنفا .