على الادعاء بهذا المعنى أصلا ، ولهذا تأتي الاستعارة في غير الكلَّيات كالأعلام الشخصية ، فنقول - في ولد زيد إذا كان يشبهه - : هذا زيد ، وفي الجواد : هذا حاتم ، مريدا به الطائي المعروف ، من غير تخصيص له بما فيه نوع وصفية كالمثال الثاني ، ولا حاجة إلى ما تكلَّفه التفتازاني بقوله : « إن المستعير يتأوّل في وضع اللفظ ، ويجعل حاتم كأنه موضوع للجواد ، وبهذا التأويل يتناول الرّجل المعروف من قبيلة طي والفرد الغير المتعارف وهو الرّجل الجواد » [1] . وحسبك شاهدا على فساد هذا التكلَّف ، وعلى صحة ما قلناه وجدانك عند الاستعمال ، فإنك تريد به مبالغة أنّ هذا الجواد هو ذاك الطائي بعينه . رجع إلى انتقاد مذهب السكاكي . وكيف يكون المراد من الاستعارة ادّعاء فرد آخر من جنس المشبّه به ؟ وكثيرا مّا ترى في مليح الكلام ترتيب آثار الفرد المتعارف عليها ، كقول من بات محبوبه عنده ، وزعم أنّ الليل فقد بدره ، وبات ينشده : أما دري الليل أنّ البدر في عضدي . . . وأمثال هذا الاستعمال شائع جدّاً كما تقول في موت عالم : كيف لا تظلم الدنيا وقد فقدت الشمس أو انخسف البدر ، ونحو ذلك . ومن الغريب أنه هدم مبناه ، والتزم بالمجاز اللفظي في نحو « وإذا المنية أنشبت أظفارها » [2] وغيره مما يسمّيه البيانيّون الاستعارة بالكناية ، ومن حقها - على أصولهم - أن تسمّى التشبيه بالكناية لأنّ شرط الاستعارة عندهم أن يطوي ذكر المشبّه بالكليّة ، وهنا عكس الأمر فحذف المشبّه به واكتفي عن أداة التشبيه
[1] بشرح التفتازاني على التلخيص ( المطول ) : 363 ، و ( المختصر ) : 2 : 74 ، وحكاه في الفصول الغروية : 26 . [2] حكاه في الفصول الغروية : 27 .