يقابل إلاّ وجها صبيحا لا يريد إلاّ إلقاء المعنى الأصلي الموضوع له على السامع ، وإفهامه إيّاه وإن لم يكن مطابقا للواقع ، ولم يكن ذلك منه على سبيل الجدّ . وقد عرفت سابقا أنه لا معنى للاستعمال إلاّ ما أريد إفهامه للسامع وإلقاؤه عليه ، سواء كان صدقا أو كذبا ، جدّاً أو هزلا ، بأيّ داع سنح وغرض اتّفق . ولو لا إرادة معاني هذه الألفاظ لما كان موقع للتعجب عن محبوبته إذا ظلَّلته عن الشمس [1] ، أو زارته آخر الشهر [2] ، ولا لليأس من رجوع محبوبه [3] ، ولا لتكذيب الناس إذا رجع [4] ، ولا للمفاخرة مع قمر السماء بأنّ قمره معدّل بلا تعديل ، وأنه لا ممثّل له ولا مثيل [5] ، ولا للتعجب عن عدم ذهاب الدجى مع طلوع
[1] قامت تظلَّلني ومن عجب * شمس تظلَّلني من الشمس أوّلها : قامت تظلَّلني من الشمس نفس أعزّ عليّ من نفسي ( مجد الدين ) [2] زارتك في ليل سرار ومن أبصر بدرا آخر الشهر [3] يؤيسني من لقائك قولهم بأنه لا رجوع للقمر ( 1 ) [4] رجعت فأحييت الغريّ وأهله وكذّبت قول الناس لا يرجع البدر ( 3 - 4 ) إنّ الخمسة المتحيرة من السيّارات السبعة لها رجوع إقامة واستقامة ، والقمر لا رجوع له ولا إقامة ، فقال : إنّ رجوع بدري دليل على كذب أهل الهيئة حيث قالوا : لا رجوع للقمر . ( مجد الدين ) . [5] قل للسماء دعي الفخار فإنّ ذا قمري بغير ممثّل ومثيل قمر السماء معدّل بثلاثة ومعدّل قمري بلا تعديل إنّ أهل الهيئة والفلك احتاجوا في ضبط حركة القمر إلى ثلاثة تعديلات ، وأثبتوا له أفلاكا كالحامل والجوزهر ، فقال طاب ثراه : إنّ قمري خير من قمر السماء ، لأنّه معدّل من غير احتياج إلى تعديلات ثلاثة ولا أفلاك متعدّدة . ( مجد الدين ) . الحامل والجوزهر من مصطلحات أهل الهيئة . انظر : مفاتيح العلوم : 220 ، وكشاف اصطلاحات الفنون 1 : 356 و 407 .