( تفسير الجدّ حجة الإسلام لكلام والده الإمام طاب ثراهما ) انتهينا إليه والقلم قد تكهّم [1] حدّه والفكر كبا زنده [2] ، وقد مسّنا من الكسل ما مسّ القراء الكرام من الملل ، وقد صادف ذلك ( أن طرقت ببكرها أمّ طبق ) [3] فألهتنا عن الظن الخاصّ والمطلق ، وكيف لا يصطلد الذهن ، ولا يرى الطرف إلاّ عيونا باكية ، وقلوبا دامية ، ولقد دها المسلمين أمر عظيم ، ورماهم الدهر بالمقعد المقيم ، انتبزت الأكباد من الأجساد ، نسأل اللَّه العافية ، وتمام النعمة ، وكشف كلّ محنة وأزمة . بنى كلامه - طاب ثراه - على أنّ القول بالظن المخصوص يتصوّر على وجهين ، أحدهما القول بحجّية مطلق الظن بالطريق الواقعي من أيّ طريق حصل إلاّ من الطريق الَّذي ثبت عنه المنع . والآخر : أن يقال بحجية الظن بالطريق الفعلي الَّذي يكتفي المكلَّف به على ما هو عليه في حكم الشارع ، وحكم بأنّ الثاني مختار والده ، والمستفاد من عبارات الفقهاء حيث جرت عادتهم عن التعبير عن الفتوى بالأظهر والأقوى ، ونحوهما ، ونسب إلى عمّه التصوّر الأول وقال : إنّه بذلك فارق أخاه وليته اقتفى أثره . ثم قال : « ويظهر الفرق بينهما من وجوه » : « الأول : يجتمع الأول [4] مع القطع بالبراءة والظن بها والشك فيها ، والظن
[1] تكهم ، بمعنى : كل . لسان العرب 12 : 529 . [2] كبا الزند فهو يكبو : إذا لم يقدح لسان العرب 15 : 213 . [3] جزء من بيت رجز ، ورد في لسان العرب 10 : 214 " طبق " وأم طبق : الداهية . [4] أي : الظن بالطريق على الوجه الأول يجتمع . . .