فإذا صارت مقدّمة الوجود أيضا وجد المقتضي فتجب كسائر المقدّمات ، وجعل هذا الزعم مبنى الاعتراض على العلاّمة الجدّ فقال ما بعضه بلفظه : « وفيه ، أن عدم وجوب مقدّمة الوجوب إنما هو لعدم المقتضي لوجوبها ، ولو فرض لها مقتضي الوجوب غيريّا أو نفسيا فلا مانع حينئذ لوجوب مقدّمة الوجوب ، وليس معنى عدم وجوب مقدمة الوجوب أنّ هناك ما يقتضي عدم وجوبها ، حتى يعارض ما لو وجد لوجوبها شيء من المقتضيات ، وفرق واضح بين عدم المقتضي ومقتضي العدم ، والَّذي يمتاز به مقدّمة الوجوب عن مقدّمة الوجود هو الأوّل دون الثاني » [1] انتهى . وفي تأمّلك في تعريف مقدّمة الوجوب ما يغنيك عن إطالة الكلام في وجوه النّظر فيه . ( الشرط المتأخر ) لا شك في وجوب تقدّم العلَّة بجميع أجزائها وشرائطها على المعلول ، وأنّه لا يجوز تأخّر شيء منها عنه ، وقد وقعت عدّة موارد يتوهّم فيها تأخّر الشرط عن المشروط كالإجازة اللاحقة للبيع الفضولي ، والأغسال الليليّة المعتبرة في صحّة صوم المستحاضة ، وغيرهما من المسائل المتّفقة عليها والمختلفة فيها ، ومنها المسألة السابقة . وقد عرفت أنّ صاحب الفصول تخلَّص عن إشكال تأخّر شرط البلوغ بالتعقّب ، وقد وعدتك بيان ذلك . وإجمال القول فيه : أنّ الفعل قد تعتريه إضافة إلى شيء متقدّم عليه أو متأخر عنه ، وتلك الإضافة تحدث له عنوانا موجودا وصفة موجودة فعلا يوجبان الصلاح أو الفساد فيه ، والحبّ أو البغض له .