وبهذا يظهر لك الوجه في الاكتفاء بالمرة ، وأنه لو أتى بأفراد متعددة دفعة واحدة سقط الأمر ، وكان الجميع مصداقا للواجب . ( الأمر عقيب الحظر ) [1] ورود [2] الأمر عقيب الحظر ، بل عقيب توهمه ، قرينة [3] غالبية على عدم كونه للوجوب ، فلا يحمل عليه إلاّ بدليل أو قرينة معارضة قويّة ، ويكون مفاده حينئذ رفع الحظر السابق ، وفرضه كالعدم ، ولازم ذلك غالبا رجوع الحكم الأول ، فيجب إن كان قبل واجبا ، كقوله تعالى : وإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين [4] ويجوز إن كان جائزا مثل : وإذا حللتم فاصطادوا [5] فإذا تطهّرن فآتوهنّ [6] . وبهذا يظهر لك ما في القول المشهور من المسامحة ، وهو كونه للإباحة وتستغني به عن التفصيل الَّذي اختاره في الفصول ، وهو أنّ حكم الشيء قبل الحظر إن كان وجوبا أو ندبا كان الأمر الوارد بعده ظاهرا فيه ، فيدل على عود الحكم السابق ، وإن كان غيره كان ظاهرا في الإباحة ، فكلام المشهور صحيح فيما إذا كان الحكم السابق الإباحة ، ولكنه ليس لكون الأمر للإباحة ، ولا يصحّ في غيره ، وما ذكرناه جامع لكلا شقّي التفصيل . ولا يخفى أنّ هذا لا يختص بالأمر ، بل يشاركه فيه النهي الوارد بعد الأمر ،
[1] أي المنع . ( مجد الدين ) . [2] مبتدأ . ( مجد الدين ) . [3] خبر . ( مجد الدين ) . [4] التوبة : 5 . [5] المائدة : 2 . [6] البقرة : 222 .