أخذوا فيه الظن فلا يطرد الحد ، ولذا اختار شيخنا البهائي ( رحمه الله ) في الزبدة في الجواب عن الإيراد المذكور حمل العلم على خصوص الظن . مدفوع بأن اخراج القطعيات مطلقا عن الفقه مما لا وجه له أصلا ، كيف ! والاجتهاد قد ينتهي إلى اليقين ، وأيضا صدق " الفقيه " على أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) مما لا كلام فيه ، مع أنهم كانوا يأخذون الأحكام عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) بالمشافهة ، ولا يتصور ظن في شأنهم في كثير من المسائل ، وعلومهم اليقينية الثابتة بنص المعصوم ( عليه السلام ) من الفقه قطعا ، فكيف يعقل اخراج القطعيات عنه مطلقا ؟ نعم القطعيات التي هي من ضروريات الدين خارجة عنه حسب ما مر ، وأما غيرها فهي مندرجة فيه ، إلا أنها مما لا يتعلق بها الاجتهاد . وتوضيح المقام : أن القطعيات إما أن تكون من ضروريات الدين ، أو من ضروريات المذهب ، أو القطعيات الغير الواصلة إلى حد الضرورة إلا أنها ثابتة في الدين أو المذهب على سبيل اليقين بالنظر أو غيره بحيث لا مجال فيها للاجتهاد ، وإما أن تكون من المسائل الظنية إلا أنه اتفق انتهاء الأمر فيها إلى القطع للبعض . فالأولى خارجة عن الفقه وليست من متعلقات الاجتهاد قطعا . والأخيرة مندرجة في الفقه قطعا ، والظاهر كونها من متعلقات الاجتهاد أيضا ، إذ انتهاء الأمر في المسائل الاجتهادية إلى القطع أحيانا لا يخرجها عن كونها اجتهادية ، ولا كون بذل الوسع فيها اجتهادا ، وأخذ الظن في حده لا ينافيه ، إذ المعول عليه في المسائل الظنية هو الظن ، إذ هو المتوقع حصوله بعد الاجتهاد في الأدلة ، وحصول اليقين على سبيل الاتفاق لا ينافي كون بذل الوسع فيه لتحصيل الظن كما سيجئ الكلام فيه في محله إن شاء الله . وأما المراتب المتوسطة : فالظاهر إدراج الجميع في الفقه كما مر . والأظهر عدم تعلق الاجتهاد بشئ منها كما هو ظاهر من حده ، وسيجئ الإشارة إليه في محله إن شاء الله . وبالجملة : المسائل الفقهية عندنا قسمان : أحدهما : المسائل القطعية التي لا مجال للتأمل فيها من العارف الناظر في أدلتها . وثانيهما : المسائل الظنية التي