المذكورة في بيان مفاد اللفظ لا يناسب أنظار أرباب الأصول ، إذ الملحوظ فيه القواعد الكلية الإجمالية دون التفاصيل الحاصلة في المقامات الخاصة . فالأنسب بالمقام هو ما ذكرناه أولا من أن الأمر بالشئ بعد النهي عنه هل يكون في نفسه جهة باعثة على صرف الأمر عن معناه الظاهر أو لا ، والأظهر فيه ما عرفت ، فتأمل . هذا ، وينبغي التنبيه لأمور : الأول : أن الكلام في المقام إنما هو في مفاد الأمر عرفا من جهة الوقوع عقيب الحظر لا فيما وضع اللفظ بإزائه بحسب اللغة أو العرف ، إذ لا وجه لاختلاف الموضوع له بحسب اختلاف المقامات كما يظهر من ملاحظة أوضاع سائر الألفاظ ، إذ لا تعدد في أوضاعها في الغالب على حسب اختلاف مواردها بل لا يكاد يوجد لفظ يكون الحال فيه على الوجه المذكور ، فالملحوظ بالبحث في المقام أن الوقوع بعد الحظر هل هو قرينة صارفة له على الظاهر ، أو أنه لا دلالة فيه على ذلك ، أو أنه قاض بالوقف . وربما يتوهم من عناوينهم كون البحث في المقام في موضوع الصيغة وليس الحال كذلك ، إذ عنوانهم للبحث بما ذكروه وتعبيرهم عن الأقوال بأنه للإباحة أو غيرها أعم من كونه موضوعا لذلك ، فإن اختصاص اللفظ بالمعنى كما يكون من جهة الوضع له كذا قد يكون من جهة الظهور الحاصل بملاحظة المقام نظرا إلى القرائن العامة القائمة عليه ، مضافا إلى أن ما ذكرناه من وضوح فساد دعوى الوضع في المقام أقوى شاهد على عدم إرادته هنا . نعم ، يظهر من السيد العميدي ( رحمه الله ) منعه كون الأمر مطلقا موضوعا للوجوب بل الموضوع له هو الأمر المبتدأ دون الوارد عقيب الحظر ، وهو إن حمل على ظاهره موهون جدا كما عرفت ، وربما ينزل عبارته أيضا على ما ذكرناه . الثاني : أن المذكور في كثير من كتب الأصول فرض المسألة في وقوع الأمر عقيب الحظر ، والظاهر من ذلك وقوعه بعد الحظر المحقق دون المحتمل .