شاهدا على استناد الفهم إلى مجرد اللفظ . قوله : * ( والمراد بالأمر . . . الخ ) * كأنه إشارة إلى دفع ما قد يقال في المقام من أن أقصى ما يفيده الآية هو كون لفظ " الأمر " للوجوب فيكون المراد به الطلب الحتمي أو الصيغة الدالة عليه ولو بتوسط القرينة ، وأما كون الصيغة بنفسها دالة عليه بالخصوص كما هو المدعى فلا ، فأجاب بأن المراد بالأمر هو نفس الصيغة المذكورة ، أعني قوله : " اسجدوا " حيث إن تقدمها قرينة على إرادتها ، إذ لم يقع منه تعالى في ذلك المقام طلب آخر سواها . ويمكن المناقشة بأن إطلاق الأمر عليها مبني على إرادة الوجوب منها ، وهو أعم من أن يكون من جهة دلالتها عليه بالوضع أو بواسطة القرينة ، وأصالة عدم انضمام القرينة إليها معارضة بأصالة عدم دلالتها على الوجوب ، مضافا إلى أن مجرد الأصل لا حجة فيه في المقام لدوران الأمر فيه مدار الظن . فإن قلت : إنه قد علل الذم والتوبيخ بنفس الأمر فاحتمال استناده إلى مجموع الصيغة والقرينة مخالف لظاهر الآية . قلت : تعليله بنفس الأمر لا يفيد دلالة الصيغة بنفسها على الوجوب ، إذ غاية الأمر أن يراد بالأمر الصيغة المستعملة في الوجوب ، وهو أعم من أن يكون موضوعا بإزائها لئلا يفتقر إرادته منها إلى القرينة أو لا ، فيتوقف على ضمها إذ على الوجهين يصح تعلق الذم بمجرد مخالفة الأمر بعد فرض كون لفظ الأمر دالا على الوجوب . نعم لو علق الذم بمجرد مخالفة قوله : " اسجدوا " صح ما ذكر . ويمكن أن يوجه ذلك بأن ظاهر سياق الحكاية كون الطلب الصادر هو قوله : " اسجدوا " مع الإطلاق إذ لو كان هناك قرينة منضمة اليه يتوقف فهم الإيجاب على انضمامها لقضى المقام بالإشارة إليها ، لتوقف ما يورده من الذم عليه ، فعدم ذكره في مقام الطلب إلا مجرد الصيغة ثم تفريعه الذم على مخالفتها معبرا عنها بالأمر ظاهر في إطلاق الأمر على الصيغة المجردة عن القرائن وتفريعه الذم على مخالفتها ، فيتم المدعى مضافا إلى أن الظاهر من ملاحظة العرف عد الصيغة