انضمام القرائن وملاحظة المقامات . وفي النهاية - بعدما ذكر معاني خمسة عشر للصيغة - أنها ليست حقيقة في جميع ذلك بالإجماع بل النزاع وقع في أمور خمسة : الوجوب أو الندب أو الإباحة أو التنزيه أو التحريم . وفي الإحكام قد اتفقوا على أنها مجاز فيما سوى الطلب والتهديد والإباحة . وأراد بالطلب ما يعم الجامع بين الوجوب والندب والإرشاد أو بعضها ، وقد اتفقوا أيضا على كونها حقيقة في الطلب في الجملة حكاه في المعارج . ثم إن الخروج عن مقتضى الوضع في عدة من المعاني المذكورة بالنسبة إلى ملاحظة وضعها باعتبار الهيئة كما في الإباحة والإذن والتمني والترجي ونحوها ، وفي عدة منها بالنسبة إلى ملاحظة وضع الهيئة والمادة معا ، بل في معناها التركيبي الانشائي كما في التهديد والإنذار والتهكم ونحوها ، فإن مفاد تلك الجمل الإنشائية هو إنشاء طلب الفعل من المأمور وقد استعملت في إنشاء ما يتبعه ويلزمه بحسب المقام ، فأريد من تلك الجمل إحضار صورة الطلب بملاحظة وضع المادة والهيئة لينتقل منه بملاحظة المقام إلى ما يتبعه من التهديد والإنذار وغيرهما ، فتلك التوابع هي المرادة من تلك الجمل الإنشائية ، وقد جعل معناها الموضوع له واسطة في إفهامها ، كما هو الحال في سائر المجازات المركبة . قوله : * ( حقيقة في الوجوب ) * قد يورد في المقام أمور : منها : أن الحقيقة هي اللفظ المستعمل في تمام ما وضع له ، وليس الوجوب إلا بعض مفاد صيغة الأمر لدلالتها على الوجوب مثلا والحدث الذي يتصف بذلك الوجوب ، فكيف يقال بكونها حقيقة في الوجوب الذي هو جزء معناها ؟ ولو أجيب بأن المراد من الصيغة هو خصوص الهيئة وليس معناه الحدثي مستندا إلى وضعها الهيئي فيكون الوجوب تمام الموضوع له بذلك الوضع ففيه : أولا : أن الهيئة بنفسها لا وضع لها وإنما هي مرآة وآلة لوضع الألفاظ