الدعوى بالنسبة اليه أصلا ، وفيه كفاية في الدلالة على المدعى . ثالثها : أن ظاهر تلك العبارة وإن كان ذلك إلا أن ظاهر المقام يصرفها عن ذلك ، فإن شأن الشارع بيان الأحكام الشرعية لا مجرد انتفاء الحقيقة والماهية وعدم حصول مسمى الموضوعات اللفظية ، فينصرف إلى نفي الكمال أو الصحة ، كما قيل نحوه فيما أثبت فيه ذلك كقوله ( عليه السلام ) : " الطواف بالبيت صلاة " [1] و " الاثنان فما فوقها جماعة " [2] حيث حمل على إرادة الفضيلة . وفيه أنه لا مانع من إرادة نفي الحقيقة في المقام ، إذ الحقيقة المذكورة من مقررات صاحب الشريعة فليس بيان ذلك إلا من شأنه ، والفرق بينه وبين المثالين المذكورين ظاهر لا يخفى . رابعها : أنه لو بنى على ظاهر العبارة لزم أن لا تكون الصلاة الخالية عن الفاتحة صلاة ولو كانت متروكة نسيانا أو لعذر ولا قائل به ، والقول بتقييدها بصورة القدرة والعمد خروج عن ظاهر اللفظ فليس بأولى من حملها على نفي الكمال من غير التزام بالتخصيص ، إذ لا بعد في كون صلاة الناسي للفاتحة أو غير القادر عليها دون صلاة الآتي بها عن الكمال ، بل الظاهر ذلك . ودعوى ترجيح التخصيص على المجاز غير جارية في المقام ، لشيوع التجوز هنا حتى قيل فيه بالنقل ، مضافا إلى ما في التخصيص المذكور من الخروج عن الظاهر ، لكونه تخصيصا بالأكثر وهو على فرض جوازه بعيد جدا ، ولا أقل من مساواته لما ذكر من الاحتمال ، وهو كاف في هدم الاستدلال . وفيه - مع اختصاص المناقشة ببعض الروايات المذكورة فلا مانع في غيره من تلك الجهة - أنه لا بد من التقييد المذكور قطعا ، للأدلة الدالة عليه ، فالمراد أنه لا صلاة للقادر الغير الغافل إلا بالفاتحة . ودعوى معارضة ذلك بالحمل على نفي الكمال ولا حاجة إذن إلى التقييد فيتقاوم الاحتمالان غير متجهة ، ضرورة كون الحمل عليه في غاية البعد من اللفظ .
[1] عوالي اللآلي : ج 2 ص 167 ح 3 . [2] عيون أخبار الرضا : ج 2 ص 61 ح 248 .