فثبوت تلك المعاني المهجورة القديمة كاف في ثبوت المطلوب ، لما عرفت من كون الحقيقة اللغوية أعم من المهجورة والباقية ، والقول بأن القدر اللازم ثبوت وضعها لمعانيها بحسب اللغة وهو لا يستلزم الاستعمال . مدفوع بأن عمدة ثمرات الوضع هو الاستعمال ، فسقوط الثمرة المهمة بالنسبة إلى الكل ، وحصول النقل في الجميع قبل استعمالها مما يقضي العادة بامتناعه ، ولو سلم حصول نقل كذلك فإنما هو بالنسبة إلى شذوذ من الألفاظ كما لا يخفى . قوله : * ( وأما الشرعية فقد اختلفوا . . . الخ ) * الكلام في الحقيقة الشرعية يقع في مقامات : أحدها : في تعريفها وبيان مفهومها . الثاني : في بيان محل النزاع فيها . الثالث : في بيان الأقوال فيها . الرابع : في بيان ثمرة الخلاف . الخامس : في بيان ما يحتج به على إثباتها أو نفيها . والمصنف ( رحمه الله ) قد أعرض عن الأول اكتفاء بشيوعه كما ذكرنا ، أو اكتفى عنه بذكر المنقول الشرعي حيث إن معظم الموجود من الحقائق الشرعية أو جميعها على القول بها من المنقولات الشرعية وإن كان مفهومها أعم لشموله للمرتجل وغيره كما نصوا عليه . وكيف كان ، فقد عرفوها بأنها اللفظ المستعمل في وضع أول شرعي . والمراد بالوضع الأول هو الوضع الذي لا يعتبر في تحققه ملاحظة وضع آخر ، والمقصود بذكره اخراج المجاز حيث إن الوضع الترخيصي الحاصل فيه مما يعتبر فيه وضع الحقيقة . وقد يورد عليه وضع المنقولات الشرعية ، فإنه قد اعتبر فيه ملاحظة وضع المنقول منه فيخرج عن الحد معظم الحقائق الشرعية .