ومن غريب الكلام ما تخيله بعض الأعلام من تفرع أمرين على الخلاف في المقام . أحدهما : الاكتفاء بأداء الأذكار الموظفة وغيرها بتخيلها بناء على القول بوضعها للصور الذهنية ، وأورد على ذلك أنه لا يتم إذا كان مستند الحكم نحو من ذكر أو من قال ونحوهما ، إذ لا يتحقق ذلك إلا باللسان ، وأجاب بأن تلك أيضا ألفاظ والمفروض وضعها للصور الذهنية قال : بل يلزمه الحكم بعدم الامتثال فيما إذا قرأها مع الغفلة عن صورها الذهنية ، ولك أن تقول : إنه يلزم بناء على ظاهر القول المذكور جواز النظر إلى المرأة الأجنبية في الخارج ، إذ مقتضى الأصل حمل اللفظ على حقيقته التي هي الصور الذهنية دون الأمور الخارجية ، وهكذا الحال في أمثاله فلا بد له من التزام ذلك أو التزام التجوز في جميع الاستعمالات وجعل ذلك من الأدلة على فساد القول المذكور . ثانيهما : اعتبار اعتقاد المستعمل والمكلف فيما وضع له اللفظ بناء على وضعها للصور الذهنية وإناطة الحكم بالواقع ونفس الأمر بناء على القول بوضعها للأمور الخارجية قال : وهذا من أهم المباحث في الباب ، وكم يتفرع عليه من الثمرات : مثلا أمر الشارع بإيقاع الصلوات في مواقيتها والى القبلة مع الخلو عن النجاسة وأمر بترك المحرمات وغير ذلك مما تعلق به التكاليف الشرعية ، فلو قلنا إن المعاني الموضوع لها هي ما يكون باعتقاد المكلف يلزم دوران الأمر مدار ما اعتقده دون الواقع بخلاف ما إذا قلنا بوضعها للأمور الواقعية . وأنت خبير بوضوح عدم تفرع شئ من الأمرين على المسألة المذكورة ، وتفريع الأول عليها مبني على حمل مراد القائل بوضعها للصور الذهنية على الصور بملاحظة أنفسها لا من حيث كونها مرآة للواقع ، وقد عرفت أنه لا مجال لأن يحتمله أحد في المقام ، كيف ! ولو كان كذلك لكان اللازم على القول المذكور الاكتفاء في أداء العبادات والمعاملات والواجبات والمحرمات وغيرها بمحض التخيلات ، وكذا في سائر الأحكام الجارية في العادات ، أو التزام التجوز في جميع