" كاللا شئ " و " اللا موجود " ونحوهما فقد يشكل الحال فيها ، إذ ليس لتلك المفاهيم تحقق في ذاتها من حيث كونها مدلولة لتلك الألفاظ ، ومقصودا إفهامها بها ولو على سبيل التقدير ، وليس حصولها في الذهن هو وجودها اللائق بحالها ، وليست تلك الألفاظ موضوعة بإزائها من تلك الحيثية . قلت : لا شك أن الوجود الخارجي أو الذهني غير ملحوظ فيما وضع له لفظ العدم والنفي وأمثالهما ، بل الملحوظ فيه هو مفهوم العدم المحض ، وبطلان الذات فليس مفهوم العدم من حيث كونه حاصلا في العقل قد وضع له لفظ العدم ، بل من حيث كونه أمرا باطل الذات لا تحقق له في الكون أصلا ، فحيثيته هي حيثية البطلان ، فذلك المفهوم من حيث كونه عنوانا لتلك الحيثية قد وضع اللفظ له فحيثية حقيقة العدم هي حيثية البطلان والليس المحض ، وهي بتلك الحيثية مراد من تلك اللفظة ، فالحال فيما وضع تلك الألفاظ بإزائه على نحو سائر المفاهيم ، غاية الأمر أن حيثية الحقيقة في سائر المفاهيم متحصلة ولو تقديرا بخلاف هذه ، فإنها حيثية العدم وبطلان الذات . فإن قلت : إذا كانت تلك الحيثية فيها هي حيثية العدم الصرف والليس المحض فكيف يمكن ارتباط أمر وجودي به بأن يتعلق به الوضع ؟ . قلت : لا مانع من ذلك ، فإن المفهوم المذكور مما يمكن أن يتصوره العقل ويتعقله ، وهو بهذا الاعتبار يمكن أن يتعلق الوضع به وإن كانت حيثية كونه موضوعا له هي حيثية أخرى ، يظهر ذلك بملاحظة ما قرروه في الجواب عن شبهة الحكم على المعدوم المطلق بعدم إمكان الحكم عليه . فصار المتحصل أن تلك المفاهيم إنما تكون متعلقة للأوضاع من حيث كونها عنوانات لحقائقها في نفس الأمر ، من غير فرق بين أن يكون حقائقها قابلة للوجود الخارجي أو الذهني أو لكليهما معا ، أو غير قابلة لشئ منهما ، سواء كانت ممكنة الاتصاف به ، أو ممتنعة ، ولا بين أن تكون حقيقتها هي حيثية الوجود والتحقق كما في مفهوم الوجود أو حيثية العدم والبطلان كما في مفهوم العدم ، فتلك