بالنظر إلى معناه الحقيقي إن كان الحمل شائعا كما هو المفروض في المقام . وفيه : أنه إن كان الظهور المذكور من جهة استعماله في المقام فيما يصدق على ذلك فهو راجع إلى الوجه الأول ، وإن كان استظهاره من جهة دلالة الحمل بنفسه عليه ففيه أنه إنما يدل على كون الحمل حقيقيا لا ادعائيا كما يتفق في بعض الصور في نحو قولك : " زيد أسد " على وجه ، فإن الحمل هناك خارج عن حقيقته . وأما أن المراد بالموضوع هو معناه الحقيقي فلا يستفاد من الحمل . نعم ، إن كان المقام مقام بيان حقيقة اللفظ أو بيان مصداقه الحقيقي أفاد ذلك ، إلا أنه حينئذ مستفاد من ملاحظة خصوصية المقام لا من مجرد الحمل ، فيدل في الأول على كون المحمول هو نفس ما وضع له اللفظ وفي الثاني على صدق معناه الحقيقي عليه ، إلا أنه خارج عن محل الكلام . كيف ! ولو كان مطلق الحمل دليلا على الحقيقة لما جعلوا عدم صحة السلب علامة عليها بل اكتفوا مكانه بصحة الحمل ، فإن في تركهم ذلك واعتبارهم مكانه لعدم صحة السلب دلالة ظاهرة على أن الحمل يقع على الوجهين ويصح بظاهره في الصورتين ، بخلاف عدم صحة السلب . ويومئ إلى ذلك أن إطلاق اللفظ على معناه المجازي بمنزلة حمله عليه حملا ذاتيا بالنظر إلى المفهوم الذي استعمل اللفظ فيه وحمله شائعا بالنسبة إلى الفرد الذي أطلق عليه ، كما في استعمال الأسد في مفهوم الشجاع وإطلاقه على زيد ، فلو كان الحال على ما ذكر لكان مطلق الاستعمال دليلا على الحقيقة ، وقد عرفت ما فيه . فإن قلت : أي فرق بين عدم صحة السلب وصحة الحمل حال الخلو عن القرائن مع أن ظاهر اللفظ حينئذ حمله على حقيقته في المقامين ، فكما أن عدم صحة السلب إذن يفيد عدم صحة سلب معناه الحقيقي عنه كذا يفيد صحة الحمل حمل معناه الحقيقي عليه ، فيتحد المفاد فيهما . قلت : الفرق بينهما أن نفس ملاحظة الموضوع قد تكون قرينة على إرادة