قرينة صارفة إنصرف اللفظ إليه بمجرد ذلك من غير حاجة إلى قرينة معينة ، فتكون تلك الغلبة منزلة منزلة القرينة المعينة فالشهرة إنما تكون باعثة على رجحان ذلك المجاز على سائر المجازات ، ولا يقاوم الظن الحاصل من الوضع لتكون قاضية بانفهام المعنى المذكور مع الخلو عن القرينة الصارفة أيضا بل ليس المفهوم منه حينئذ إلا معناه الحقيقي خاصة . ثانيها : أن يكون اشتهار استعماله فيه موجبا لانفهام المعنى المفروض من اللفظ مع ملاحظة الشهرة ، لا بأن يرجحه على المعنى الحقيقي بل بجعله مساويا له فيتردد الذهن بينهما بالنسبة إلى المراد مع الخلو عن قرينة التعيين ، فيكون الظهور الحاصل من الشهرة مساويا للظهور الحاصل من الوضع . ثالثها : أن يكون مع تلك الملاحظة منصرفا إلى ذلك المعنى دون المعنى الحقيقي إلا أنه مع قطع النظر عن تلك الملاحظة ينصرف إلى ما وضع له . رابعها : أن يكون بحيث يجعل المعنى المجازي مساويا للحقيقي في الفهم ، مع قطع النظر عن ملاحظة الشهرة سواء كان راجحا عليه مع ملاحظتها أو لا . خامسها : أن يكون راجحا عليه كذلك فينصرف الذهن إليه ، مع قطع النظر عن ملاحظة الشهرة فاللفظ في المراتب الثلاث الأول باق على معناه الأصلي ويكون مجازا شائعا في المعنى الثاني على اختلاف مراتب الشهرة فيها ، فيقدم الحقيقة عليه في الصورة الأولى ويتوقف في الثانية ، ويترجح على الحقيقة في الثالثة ، وهذا هو التحقيق في مسألة دوران اللفظ بين الحقيقة والمجاز المشهور كما أشرنا إليه ويأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله . والتبادر الحاصل في الصورتين الأخيرتين منها ليس أمارة على الوضع ، لاستناده إلى ملاحظة الشهرة التي هي قرينة لازمة للفظ كما عرفت ، وحينئذ فيفتقر ترجيح الحقيقة في الأول منهما وصرفه عن المجاز في ثانيهما إلى وجود القرينة المعينة أو الصارفة كما في المشترك والحقيقة والمجاز . إلا أن هناك فرقا بين القرينة المرعية في المقام والقرينة المعتبرة في المشترك