في المرتجلات مع عدم ملاحظة مناسبتها للمعاني اللغوية ليحصل لها بذلك نوع تبعية لواضع اللغة . وأما الثاني فبأن ذكر المعاني المجازية ليس لاستقصاء المجازات حتى لا يصح استعمال مجاز غيرها كما هو شأنهم في بيان المعاني الحقيقية ، بل إنما يذكرون المعاني الدائرة بين الحقيقة والمجاز لاحتمال كونها من الحقيقة ، أو يشيرون إلى بعض المجازات المتداولة عند أهل اللغة والمجازات الخفية مما يكون العلاقة فيها غير واضحة ، ليكون باعثا على سهولة الخطب في معرفة المعاني المستعملة فيها في الإطلاقات الواقعة في الآيات القرآنية والروايات المأثورة والأشعار والخطب والرسائل ونحوها ، فإن في ذكرها توضيحا لتفسيرها ، كما لا يخفى . حجة القائل باعتبار النقل في أنواع العلاقة ووقوع الترخيص بالنسبة إلى كل نوع منها من غير حاجة إلى نقل آحاد المجاز ، أما على عدم التوقف على نقل الآحاد فبما يقرب مما ذكرناه في حجة ما اخترناه ، وأما على اعتبار نقل النوع فبعدم جواز التعدي عن مقتضى الوضع ولزوم الاقتصار في الاستعمال على حسب ما عينه الواضع ، وإنما يجوز التعدي عنه بعد ترخيصه وإجازته لكونه أيضا نحوا من الوضع ، فلا بد أيضا من الاقتصار فيه على القدر الذي قامت عليه الشواهد من النقل ، وثبت الترخيص فيه لابتناء الأمر في باب الألفاظ على التوقيف ، والقدر الثابت من الترخيص هو ما ذكرناه فلا بد من الاقتصار عليه . ولا يخفى وهنه بعد ملاحظة ما أشرنا إليه . على أنه قد يقال : إن ذلك إنما يتم إذا كان التصرف في المجاز بإطلاق اللفظ من أول الأمر على غير ما وضع بإزائه ، فإن ذلك خروج عن مقتضى الوضع متوقف على ترخيص الواضع حسب ما ذكر ، وأما إذا كان التصرف فيه بواسطة إرادة معناه الحقيقي والانتقال منه إلى المعنى المجازي - كما مر القول فيه - فلا حاجة فيه إلى الترخيص ، إذ ليس ذلك تصرفا في اللفظ .