العلاقة التي لا يستهجن معها الانتقال من المعنى الحقيقي إلى المجازي ، بحيث يكون استعماله فيه مرضيا عندهم غير مستنكر لديهم ، من غير ملاحظة لما يزيد عليه ولا التفات إلى اندراجه في أي نوع من أنواع العلائق المقررة ، وهو ظاهر لمن تأمل في الاستعمالات الجارية بحيث لا يعتريه شبهة . وما تصدوا له من حصر أنواع العلائق في الوجوه المذكورة في كتبهم فإنما هو مبني على الغالب ، ولذا وقع الاختلاف في تعدادها بحسب اختلافهم في كثرة التتبع في أصناف المجاز وقلته من غير بنائهم على وقوع اختلاف في ذلك ، فملاحظة تلك الخصوصيات غير معتبرة في صحة التجوز أصلا ، وإنما الملحوظ فيها هو ما ذكرنا ، فهو المناط في الترخص وانطباقه على تلك الخصوصيات من قبيل الاتفاق من غير اعتبار في الترخيص لخصوص تلك الجهات ، ولذا وقع الاختلاف في إرجاع بعضها إلى البعض واقتصر جماعة على عده من العلائق بارجاع الباقي إليها . والحق - كما عرفت - إرجاع الجميع إلى أمر واحد هو ما قررناه ، كيف ولو كان المصحح للإستعمال هو خصوص العلائق المقررة - كما هو قضية ما ذكروه - لكان الملحوظ حين الاستعمال إدراج العلاقة الحاصلة في واحد منها ، ليصح الإقدام على استعماله نظرا إلى إناطة الترخيص به ، ومن المعلوم خلافه ، ولصح استعمال المجاز كليا مع حصول واحد منها ، مع أنه بين الفساد ، إذ لا يصح التجوز في كثير من الأمثلة مع حصول نوع العلاقة المعروفة ولو مع حصول الشرط الذي اعتبروه في بعضها كاستعمال الجزء في الكل ، ولذا قد يصح الاستعمال مع انتفاء ما اعتبروه من الشرط كاستعمال اليد في الانسان كما في الحديث المشهور : " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " [1] مع أنها مما لا ينتفي الكل بانتفائها ، ويصح استعمال مجاز بعينه في مقام دون آخر كما في المثال المذكور ، واستعمال الرقبة في الانسان فإنه إنما يصح فيما تعلق به الرق أو العتق ونحوهما لا في ما سوى ذلك ،