خصوصيات الألفاظ المندرجة تحت المفهوم المذكور والموضوع له هو الجزئيات المندرجة تحت مفهوم ما قام به مبدؤه كان الوضع هناك عاما والموضوع له خاصا من غير إشكال ، كما أنا إذا قلنا بكون الموضوع له أيضا ذلك المفهوم مطلقا كان كل من الوضع والموضوع له عاما قطعا . وإنما يجري الوجهان المذكوران إذا قلنا بكون الموضوع خصوص جزئيات المفهوم المذكور لخصوص جزئيات المفهوم الآخر ، لما عرفت حينئذ من حصول الإعتبارين ، وإن كان الأظهر حينئذ هو ما عليه جماعة من المحققين من كون كل من الوضع والموضوع له في كل من تلك الألفاظ المندرجة في ذلك العنوان عاما ، كما ظهر مما ذكرناه . ثالثها : أن يتصور معنى عاما ويضع اللفظ بإزاء جزئياته ، فيكون الوضع عاما والموضوع له خاصا ، سواء كان الموضوع له هناك جزئيات حقيقية أو إضافية ، وما يظهر من كلام بعضهم من اختصاصه بالأول غير متجه ، كيف ولا يجري ذلك في كثير مما جعلوه من هذا القسم كالحروف ، فإنها وإن وضعت عندهم لخصوص المعاني المتعينة بمتعلقاتها إلا أنها مع ذلك قد تكون مطلقة قابلة للصدق على كثيرين ، كما في قولك : " كن على السطح " و " كن في البلد " ونحوهما ، فإن كلا من الاستعلاء والظرفية المتعينين بمتعلقاتهما في المثالين قد استعمل فيهما لفظة " على " و " في " لكنهما مع ذلك صادقان على أفراد كثيرة لا تحصى . وبالجملة : أن مفاد " على " و " في " في المثالين المذكورين قد جعل مرآة لملاحظة حال الكون الكلي بالنسبة إلى السطح والبلد ، فهو تابع له في الكلية وإن كان ذلك جزئيا إضافيا بالنسبة إلى مطلق الاستعلاء والظرفية ، وكذا الحال في أسماء الإشارة إن قلنا بوضعها للأعم من الإشارة الحسية وغيرها ، فإن الكليات يشار إليها بعد ذكرها . وما قيل من أن الكلي المذكور من حيث إنه مذكور بهذا الذكر الجزئي صار في حكم الجزئي ، فاستعملت لفظة " هذا " فيه من تلك الحيثية ، فهو جزئي بتلك الملاحظة .