وقد أجاب عنه المحقق الدواني بوجهين : أحدهما : أن ما ذكروه في حد الموضوع طي في العبارة ، ومعناه ما يبحث [1] فيه عن عوارضه الذاتية أو عن العوارض الذاتية لأنواعه أو لأعراضه الذاتية ، وكأنهم أجملوه في المقام ثقة بما فصلوه في موضوعات المسائل . ثانيهما : الفرق بين محمول العلم ومحمول المسألة كما فرقوا بين موضوعيهما ، فمحمول العلم ما ينحل إليه تلك الأحوال التي هي محمولات المسائل ، وهو المفهوم المردد بين جميعها ، وهو عرض ذاتي لموضوع العلم وإن كان كل واحد عرضا غريبا بالنظر إليه . ويضعف الوجهين مع ما فيهما من التعسف : أن الأول يقضي باختلاط العلوم وعدم امتياز العلم الأدنى عن الأعلى كسائر العلوم بالنسبة إلى علم الإلهي ، حيث نصوا على أن الموضوعات في سائر العلوم من العوارض الذاتية لموضوع علم الإلهي ، فيكون البحث عن عوارضها الذاتية المذكورة في سائر العلوم المدونة مندرجا في الإلهي حسب ما ذكره في التوجيه ، وقد يجعل من ذلك علم الطب بالنسبة إلى الطبيعي ، إذ الموضوع فيه من أنواع الجسم الطبيعي من حيث الصحة والمرض ، وهما من العوارض الذاتية له ، والثاني إنما يتم لو كان الملحوظ في تلك المباحث ما ذكر من القدر المشترك وليس كذلك ، إذ المبحوث عنه في الموارد المذكورة إنما هو الأحوال الخاصة ، وليس القدر المشترك إلا اعتبارا صرفا لا يلحظ حين البحث أصلا . وتنظير ذلك بإرجاع الموضوع في المسائل والأبواب إلى موضوع الفن غير متجه ، لوضوح الفرق ، ضرورة أن البحث عن كل منها بحث عن موضوع الفن ، وهذا بخلاف إرجاع المحمولات إلى المفهوم المردد ، فإن إثبات تلك المحمولات ليس إثباتا للمفهوم المردد قطعا ، نعم غاية الأمر استلزام ذلك صدقه ، وليس ذلك
[1] كأن ما ذكره مبني على التمثيل ، لعدم انحصار الوجوه فيما ذكره حسب ما أشرنا إليه في الحاشية . ( منه ( رحمه الله ) ) .