نعم ، لو تم الدليل على الاجتزاء بفعل واحد عن الجميع ولو من دون قصد اتبع ذلك ، وكان مخرجا له عن حكم القاعدة . ولو توقف أحدهما على نيته دون الآخر فإن نواه أو نواهما معا وقعا معا ، وإلا وقع الآخر خاصة وتوقف الإتيان بالأول على أداء الفعل ثانيا مع القصد اليه . سادسها : قد عرفت أن مورد التداخل على القول به ما إذا كان المطلوبان من طبيعة واحدة أو من طبيعتين متصادقتين ولو في بعض المصاديق ، وأما إذا كان بينهما مباينة في الخارج فلا كلام في عدم التداخل وإن اتحدا في الصورة . وحينئذ فنقول : إن علم التباين أو التصادق فلا كلام ، وأما إذا شك في تباين الطبيعتين وعدمه مع اتحادهما صورة - كغسل الجنابة وغيره من الأغسال إذا شك في اجتماعهما في مصداق واحد - فهل يبنى على المباينة وعدم جواز التداخل حتى يتبين التصادق ، أو على جواز التداخل نظرا إلى الاتحاد في الصورة وعدم ثبوت المباينة فيجزي المأتي به عن الأمرين ؟ وجهان . والمتجه هو الأول ، إذ مع احتمال التباين لا يمكن الحكم بتصادق الطبيعتين في مصداق واحد ، نظرا إلى قضاء اليقين بالاشتغال باليقين بالفراغ وعدم قيام دليل على اجتماع المطلوبين في ذلك ليحكم معه بالفراغ ، ومجرد الاحتمال غير كاف في تحصيل البراءة ، بل لا يمكن الخروج بذلك عن عهدة التكليف بأحدهما أيضا مع قصد الأمرين بإزائه حسب ما يأتي الإشارة اليه إن شاء الله . فإن قلت : لو كان الحال على ما ذكر لم يكن هناك محصل للبحث عن مسألة التداخل ، فإنه إن علم اجتماع الطبيعتين في مصداق واحد وحصولهما معا في فرد واحد كان ذلك قولا بالتداخل ، ولا يصح إنكاره حينئذ ممن ينكر أصالة التداخل لقيام الدليل حينئذ على حصول الأمرين ، وإن لم يعلم حصولهما في مصداق واحد وعدمه فالمفروض خروجه عن موضع البحث ، إذ لا يصح على القول بأصالة التداخل تداخلهما في المقام بمقتضى الأصل حسب ما ذكر ، فلا يبقى مورد للبحث عن التداخل ليصح ورود القولين عليه .