بكونها حقيقة في الحال - ليكون الحال إذن مدلولا التزاميا بينا بالمعنى الأخص للمشتقات ويكون دلالتها عليه على نحو دلالة العمى على البصر وعدمه على القول الآخر ، لكون مجرد الاتصاف ولو في الماضي كافيا في صدقها عندهم كما يوجد في كلام بعض الأفاضل - ليس على ما ينبغي ، إذ لا دلالة في كلام القائلين بكونها حقيقة في الحال على ذلك ، لإمكان تصحيحه على نحو ما قلناه بل واستظهاره من كلامهم حسب ما سنقرره إن شاء الله . فظهر بما قررناه أنه لا ربط للنزاع المذكور بأخذ الزمان في مفاهيم المشتقات على سبيل التضمن أو التقييد ، ولا يلزم اعتبار شئ من الوجهين في شئ من الأقوال المذكورة في المسألة ، ولا معارضة بين كلمات علماء الأصول وما ذكره النحاة من عدم دلالتها على الزمان ، وما صرح به علماء البيان من عدم إفادتها التقييد بأحد الأزمنة الثلاثة حسب ما حكي عنهم [1] . ثالثها : أن المشتقات التي وقع النزاع فيها في المقام تعم أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة وأسماء التفضيل والأوصاف المشتقة ، كالأحمر والأصفر والحمراء والصفراء ونحوها من الصفات . وربما يقال بخروج اسم المفعول عن محل البحث ، وكذا الصفة المشبهة واسم التفضيل لظهور الوضع للأعم في الأول ، ولخصوص الحال في الأخيرين . ويضعفه إطلاق كلمات الأصوليين من غير إشارة منهم إلى تخصيص النزاع باسم الفاعل والتعبير الغالب في كلماتهم بلفظ المشتق الشامل للجميع . وقد فرع غير واحد من الأفاضل على المسألة كراهة الوضوء بالماء المسخن بالشمس بعد زوال حرارته ، مع أنه من قبيل اسم المفعول . ثم إن ظاهر كلماتهم تعميم النزاع فيها لسائر أحوالها وأنواعها من غير تقييد لمحل البحث ببعض صورها إلا أنه قد وقع تقييد النزاع ببعض الصور في كلمات
[1] فبناء بعض الأفاضل على تحقق المعارضة بين ما حكي عن علماء البيان وما ذهب اليه جماعة من علماء الأصول ليس على ما ينبغي ( منه ( رحمه الله ) ) .