شفاء من كل داء» و ماء نيل مصر الّذي ورد فيه «أنّه يميت القلب»، بل هذا الاختلاف موجود في النباتات أيضا، فلا غرو في كون الجمادات التي لا تحس و لا تشعر مقتضية للسعادة و الشقاوة كاقتضائها لغيرهما كدفع الأسقام، فجعل اختلاف الطينات كاشفاً عمّا اختاروه في عالم العهد لا مؤثِّراً كما ترى. لكن من المعلوم: أنّ مجرد المقتضي لا يوجب الجبر، و إنّما ذلك شأن العلة التامة، و قد عرفت أنّ ما يكون من الأخبار ظاهراً في ذلك لا بدّ من صرفه عن ظاهره بحكم العقل و الآيات و الروايات المتجاوزة عن حد التواتر - كما قيل - الظاهرة أو الصريحة في نفي الإلجاء و أمّا الآيات التي توهم دلالتها على الاضطرار فكثيرة، و لا نتعرض لها تفصيلا، خوفاً من الإطالة في البحث الاستطرادي، إلاّ أنّه لا بأس بالإشارة إليها، فنقول: إنّها على طوائف: الأُولى: ما ظاهره الاضطرار مع الاقتران بالقرائن السابقة و اللاحقة على خلافه، كقوله تعالى: «انّ الذين كفروا سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم اللَّه على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب عظيم». و الجواب عنها هو: أنّها مختصة بالكفار المتعصبين في الكفر و الجحود و عداوتهم للإسلام و المسلمين بمثابة لا ينفعهم الإنذار، دون سائر الكفار المنتفعين بالإنذار و هداية سيد الأنبياء و أوصيائه الأُمناء صلوات اللَّه عليهم من الآن إلى يوم اللقاء، بل و العلماء الأتقياء، فإنّ كثيراً من الكفار اهتدوا إلى الإسلام، و الطائفة المتعصبة منهم لم تنتفع بهداية و إرشاد و تخويف و إنذار، لعنادهم للحق