و يؤيده [1] قوله تعالى: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره». و قوله [2] صلى اللَّه عليه و آله و سلم: «لو لا أن أشق على أمّتي لأمرتهم
[1] يعني: و يؤيد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب قوله تعالى: «فليحذر» الآية، و هذا من أدلة القائلين بكون الأمر حقيقة في الوجوب، بتقريب: أنّه تعالى شأنه حذّر مخالف الأمر، و التحذير يدل على الوجوب، إذ لا معنى لندب الحذر أو إباحته، و مع التنزل عن ذلك فلا أقل من دلالته على حسن الحذر عن مخالفة الأمر، و من المعلوم: أنّ حسنه موقوف على ثبوت المقتضي له، و إلاّ كان التحذ ير سفها و عبثا، و ذلك محال على اللَّه تعالى، و إذا ثبت المقتضي له ثبت وجوبه، لعدم القول بالفصل، فالآية تدل على كون الأمر حقيقة في الوجوب. لكن فيه ما لا يخفى، لأنّ قصارى ما يستفاد من التقريب المزبور هو: إطلاق الأمر على الوجوب و استعماله فيه، و قد عرفت مرارا: أعميّة الاستعمال من الحقيقة، فلا تكون الآية الشريفة دليلا على أنّ الأمر حقيقة في الوجوب، و لعلّه لذا لم يجعلها المصنف دليلا، بل عدّها من المؤيدات.
[2] معطوف على - قوله تعالى -، و هذا ثاني أدلة القائلين بكون الأمر حقيقة في الوجوب، بتقريب: أنّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم مع أمره مرارا بالسواك على وجه الاستحباب، قال: «لو لا أن أشق على أمّتي لأمرتهم بالسواك» و لا بد من كون هذا الأمر للوجوب بعد فرض صدور الأمر الاستحبابي بالسواك منه صلى اللَّه عليه و آله و سلم و إلاّ لزم لغوية الأمر المترتب على المشقة، هذا. لكن فيه ما قيل: من أنّه إنّما يدل على الوجوب لقرينة خارجية و هي المشقة، و هو غير المدعى، فتأمل.