هذا الكلام ان موضوع وجوب الاكرام مضيق مقيد ، وقلنا إن انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عقلي وليس من المداليل اللفظية . وبين كون موضوع الحكم مضيقا ومقيدا بقيد ، وبين انحصار سنخ الحكم فيه فرق واضح . هذا بحسب مقام الثبوت . وأما في مقام الاثبات ، فلا شك في أن ظاهر كلمة إلا الاستثنائية هو حصر الحكم في المستثنى منه و إخراج المستثنى عن تحت ذلك الحكم المذكور في القضية ، ولذلك قالوا بأن الاستثناء من النفي إثبات ومن الاثبات نفي . و ( أما ما قيل ) - في رفع التناقض المتوهم في باب الاستثناء بخروج المستثنى عن المستثنى منه قبل ورود الحكم على المستثنى منه ، ففي الحقيقة الحكم الايجابي أو السلبي والاخباري أو الانشائي يرد على المستثنى منه الذي خرج عنه المستثنى ، فلا يرد الحكم المذكور في جملة المستثنى منه على المستثنى أصلا ، حتى يكون استثناؤه و إخراجه تناقضا - ( فكلام ) لا واقع ولا صحة له ، وإن نسب إلى نجم الأئمة ( رحمة الله عليه ) وذلك من جهة أن التناقض بين الكلامين لا يحصل إلا بعد تماميتهما وعدم تقييد متصل أو منفصل ولا قرينة متصلة أو منفصلة في البين ، ولذلك ترى أن التعارض يرتفع بين دليلين بواسطة الجمع العرفي ، ومن أظهر موارد الجمع العرفي هو المطلق مع المقيد المنفصل . والسر في ذلك كله أنه في باب المحاورات صار الدأب والديدن في بعض الأحيان على بيان المراد بالمخصصات والمقيدات والقرائن المنفصلة والاستثناءات ، وأيضا كل من راجع وجدانه لا يرى في نفسه شكا في أن الاستثناء عن المستثنى منه يكون بلحاظ الحكم الوارد عليه ، فيكون هذا القيد في الرتبة المتأخرة عن الاسناد وتمامية جملة المستثنى منه ، فلا يمكن أن يكون من قيود المستثنى منه قبل الاسناد . نعم يمكن أن يقيد المستثنى منه بغير المستثنى ، سواء كان التقييد بلفظة غير أو بكلمة إلا أو بلفظة ما عدا أو بشئ آخر مما يدل على خروج المستثنى من المستثنى منه في الرتبة السابقة على الاسناد ومجئ الحكم ، فيقول مثلا القوم غير زيد أو ما عداه جاءني ، لكن هذا خلاف المستفاد من ظاهر الاستثناء كما تقدم لكل من راجع وجدانه .