وتوضيحه : أن عدم الانفكاك بين تصور شيئين والتلازم بين وجوديهما الذهنيين ، بحيث إذا انتقل إلى أحدهما ينتقل الاخر ، انما ينشأ من ارتباط خاص بين نفس الشيئين وعلاقة بينهما تسبب التلازم بينهما في الوجود الذهني أو الخارجي ، فمنشأ التلازم في الوجود الذهني هو وجود الرابطة بين الشيئين ، وعليه فكما تكون الرابطة والعلاقة ثابتة في نفس الامر والواقع ، كسائر الملازمات المعهودة مثل الملازمة بين الحرارة والنار ، كذلك يمكن أن يكون الارتباط متحققا في عالم الاعتبار والفرض العقلائي ، فتنشأ الملازمة على أثر تحقق الربط في عالم الاعتبار . وبعبارة أخصر وأوضح ، لما كان منشأ الملازمة هو نفس الارتباط بين الشيئين لم يفرق في تحققها بتحققه واقعا أو اعتبارا ، فحقيقة الوضع اعتبار الارتباط والعلقة بين اللفظ والمعنى ، فينشأ قهرا بهذا الاعتبار تلازم واقعي بين تصور اللفظ وتصور المعنى لمن يلتفت إلى وجود الربط الاعتباري . وهذا المعنى لا يرد عليه اي محذور ، كما أنه يتناسب مع الامر الحقيقي الذي يكون منشأ التلازم في الوجود الذهني - أعني الربط - . وقد مر استفادة هذا المعنى لحقيقة الوضع - من كلام المحقق العراقي - ، وهذا يؤيد الالتزام به خصوصا بملاحظة ان الاعتبار خفيف المؤونة سهل التحقق لا يحتاج إلى كلفة . نعم يبقى سؤال وهو : أن الاعتبار انما يكون بلحاظ الآثار الاعتبارية العقلائية ، وليس في مورد الوضع ما يكون أثرا عقلائيا اعتباريا لاعتبار الربط . والجواب : انه يكفي في رفع لغوية هذا الاعتبار ترتب الأثر التكويني للربط المرغوب وهو الانتقال عند الانتقال والملازمة الواقعية الناشئة به ، بل ترتبه هو الملحوظ في هذا الاعتبار دون غيره فلا لغو . والذي يتحصل بأيدينا : ان الوضع عبارة عن جعل الربط والملازمة