ذاته ، لان ما لا يكون بذاته حسن لا يكون المولى أهلا له ، وإذا فرض ان مورده هو العبادة الذاتية وما هو حسن في ذاته فهو مرتبط ومضاف إلى المولى بذاته - لغرض كونه عبادة للمولى - ، فلا يكون هذا الداعي موجبا لربطه بالمولى ولا لحسنه ، بل هو في طول الداعي المقرب فيمكن أن يكون بنحو داعي الداعي . ومثله الكلام في داعي الشكر والتخضع ونحوهما ، فان الاتيان بالفعل بهذه الدواعي يتوقف على كون الفعل بنفسه شكرا وتخضعا كي يؤتى به بهذا الداعي ، إذ لو لم يكن كذلك لا معنى لان يؤتى به للشكر ، لأنه ليس شكرا ، ومع فرض كونه شكرا في نفسه أو تخضعا فيكون بنفسه ذا عنوان حسن ومرتبطا بالمولى أو منتهيا إلى ما يكون كذلك ، فلا يكون الداعي مقوما للتقرب بل هو في طوله . واما داعي استحقاق الثواب أو الفرار من العقاب ، فهو أيضا في طول العبادية والتقرب ، لان الفعل بنفسه لا يوجب الثواب ما لم يكن عباديا وذا عنوان حسن ومرتبطا بالمولى ، ومعه يكون داعي الثواب غير مقوم لاستحقاقه لفرض ان نفس الفعل مؤثر فيه لاجتماع كلا الجهتين فيه . وهكذا الفرار من العقاب ، فإنه إذا لم يكن بنفسه موجبا لمنع العقاب لا يتجه الاتيان به بهذا القصد ، ولا يكون الفعل مانعا عن العقاب إلا بكونه حسنا ومرتبطا بالمولى . واما داعي المصلحة ، فان قصدت المصلحة بما انها فائدة ونفع ، فلا اشكال في عدم كون الداعي مقربا ، إذ لا ارتباط للفعل بالمولى كما أنه لا يكون حسنا بمجرد ترتب فائدة عليه . اما إذا قصد الاتيان به بداعي المصلحة بلحاظ انها داعية للمولى إلى الامر لولا المزاحمة بالأهم أو غفلته ومن باب رغبة المولى في تحققها ، فيكون مقربا لانطباق عنوان حسن عليه وهو الانقياد وارتباطه بالمولى ، بل الانقياد في هذا الحال أعظم منه في صورة وجود الامر كما لا يخفى [1] . .
[1] الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين . نهاية الدراية 1 / 129 - الطبعة الأولى