انهم يلتزمون بجريان البراءة شرعا - بل عقلا - في المورد القابل للجعل والوضع شرعا ، اما ما لا يقبل الوضع شرعا فلا يكون الشك فيه مشمولا لحديث الرفع ، لان ما لا يقبل الوضع شرعا لا يقبل الرفع . وتوضيح ذلك موكول إلى محله وانما المهم هو الإشارة . ومن ذلك يذهب صاحب الكفاية عند الشك في اعتبار قصد الامتثال في سقوط الامر وتحصيل الغرض إلى كون المورد من موارد الاحتياط لا البراءة ، لعدم قابلية المرد للبيان الشرعي والجعل من قبل المولى لامتناع أخذه في متعلق الامر ، فالالتزام بالاحتياط دون البراءة بلحاظ عدم امكان البيان والوضع شرعا [1] ، فكيف يفرض ان التزامه بعدم امكان جعله شرعا وأخذه في متعلق الامر مستند إلى التزامه بالاحتياط في مورد الشك في التعبدية والتوصلية ؟ فإنه فرض دوري كما لا يخفى . اما مناقشته ( قدس سره ) في أصل المبنى فسيأتي الكلام في تحقيق الأصل ، فليس محله ههنا بل نوكله إلى ما سيأتي انشاء الله تعالى . واما ما ذكره في مقام المناقشة له في البناء ، فهو ممنوع بان الظاهر أن الأثر العقلائي للامر ينحصر بجعل الداعي والمحركية نحو العمل ، ولا نعرف له أثرا عقلائيا يصححه غير هذا ، فإذا فرض وجود الداعي كان الامر لغوا إلا أن يكون ارشاديا واقعه الاخبار . وقد أورد على هذا الشق المحقق النائيني ( قدس سره ) : بأنه ليس وظيفة العقل هي الالزام والحكم على العبد بلزوم العمل ، بل ليس شأنه إلا ادراك تعلق إرادة الشارع بشئ وعدمه ، اما الآمرية فليست من شؤونه حتى يكون شارعا في قبال الشارع . وعليه فلا بد في حصول غرض المولى واستيفائه من تعدد الامر .
[1] الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم . كفاية الأصول / 76 - طبعة مؤسسة آل البيت ( ع )