وتنظر فيما ذكره صاحب الكفاية : بأن الانقلاب المدعى لا يثبت بما ذكر ، إذ المناط في الجهات ومواد القضايا انما هو ملاحظة نسبة المحمول إلى الموضوع بحسب ذاته بلا لحاظ الواقع وثبوتها له واقعا وعدم ثبوتها له ، بل لحاظ ثبوت النسبة واقعا للموضوع يوجب صدق الضرورة في جميع القضايا ، لان القضية بشرط المحمول تكون ضرورية لا محالة . وما ذكره صاحب الفصول انما هو من باب الضرورة بشرط المحمول ، وهو أجنبي عن موضوع الكلام ، كما عرفت [1] . ثم إن صاحب الكفاية ( قدس سره ) قد استشكل الشق الأول من استدلال المحقق الشريف - أعني لزوم دخول العرض العام في الفصل - : بان الناطق ونحوه مما يعد فصلا ليس فصلا في الحقيقة ، فان معرفة الفصل الحقيقي تكاد تخفى على كل أحد ، كما قرر ذلك ، ولا يعرفها سوى علام الغيوب ، وانما هو ونظائره من الآثار واللوازم الخاصة للفصل الحقيقي فتعرف بها الذات . وعليه ، فاخذ مفهوم الذات أو الشئ في مفهومه لا يستلزم سوى دخول العرض العام في الخاصة ولا محذور فيه ، إذ لا يلزم منه دخول العرضي في الذاتي [2] . ولم يناقش ( قدس سره ) في الشق الثاني من الدليل ، ولكن المناقشة في الشق الأول كافية في ابطال الدليل ، إذ يمكن اختياره دون الشق الثاني . ولكنه ( رحمه الله ) ذكر بعد كل هذا دليلا آخر على البساطة ونفي التركيب ، وهو : عدم تكرار الموصوف في مثل : ( زيد كاتب ) فان : ( كاتب ) لو كان مركبا من الذات والنسبة والمبدأ لزم تعدد الموصوف مع أنه واحد ضرورة [3] . والذي يتحصل : ان الدليل على نفي التركيب بأخذ الذات في مفهوم المشتق عند صاحب الكفاية انما هو عدم تعدد الموصوف وتكراره . .
[1] الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم . كفاية الأصول / 53 - طبعة مؤسسة آل البيت ( ع ) . [2] الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم . كفاية الأصول / 52 - طبعة مؤسسة آل البيت ( ع ) . [3] الخراساني المحقق الشيخ محمد كاظم . كفاية الأصول / 54 - طبعة مؤسسة آل البيت ( ع )