كالتمني وغيره ، إذ لا معنى لجعلها واعتبارها ، بل وجودها يتبع أسبابها التكوينية اعتبرها معتبر أولا . والتوجيه المزبور لم ينظر فيه إلى هذه الجهة من الاشكال ، بل النظر فيه مرتكز على الجهة الأخرى . وعلى أي فلا ضير في خروج الصيغ الدالة على التمني وغيره مما يشاكله عن الانشاء وليس هو بمحذور فسيأتي تحقيق الحال فيها . وإذا تبين عدم ورود اي اشكال في الوجه المشهور للانشاء دار الامر بينه وبين مختار صاحب الكفاية . والذي يقرب الالتزام به ويبعد مختار صاحب الكفاية : انه لا دليل لما ذكره صاحب الكفاية اثباتا ، بل هو وجه ثبوتي صرف لا شاهد له في مقام الاثبات ، بل ظاهر المرتكز من أن المنشئ ينشئ نفس المعنى قاصدا ايجاده في وعائه المناسب له بحيث يرى نفسه بمنزلة موجد السبب للامر التكويني ، لا انه ينشؤه لايجاده في عالم غير عالمه ثم يترتب عليه وجوده في عالمه الخاص . ظاهر ذلك اثبات الرأي المشهور ونفي رأي صاحب الكفاية ، وبذلك يترجح التفسير الثالث على التفسير الثاني [1] . .
[1] لا يخفى انه قد وقع الاتفاق على أن للانشاء نحو ثبوت قبل تحقق شرائط فعليته ، فللحكم ثبوت قبل تحقق شرط الفعلية ، وهو المعبر عنه بالحكم الكلي في قبال عدمه ، وللملكية نحو وجود بمجرد الانشاء قبل فعليتها واعتبارها من العقلاء أو الشارع ، وهذا أمر وجداني يعترف به كل أحد على الاختلاف في المراد في الانشاء . وهذا ما نعبر عنه بالوجود الانشائي وبملاحظة هذه الجهة يمكن ان ننفي سائر الأقوال في الانشاء . اما القول الأول : فمقتضاه انعدام الانشاء بتصرم اللفظ ، لان ما به وجود المعنى هو اللفظ والمفروض تصرمه ، الذي ينافي ما قلناه من وجود المنشأ بنحو مستمر . واما قول المشهور : فلان ثبوته يتوقف على تحقق الاعتبار العقلائي أو الشرعي في وعائه المناسب له . وهذا قد يتوقف على شرائط خاصة ، فإذا لم تتوفر لم يتحقق الاعتبار للمنشأ وهو خلاف للوجدان لصدور البيع والتمليك عند عقد الفضولي مع الجزم بعدم تحقق الإجازة فضلا عن عدم تحققها فعلا . واما القول الرابع : فان مقتضاه انه لو رفع المنشئ يده عن اعتباره يرتفع المنشأ ، مع أن إجازة المالك تتعلق ببيع الفضولي وعدمه ولو مع رفع الفضولي يده عما أنشأه ، فلو لم يكن الوجود الانشائي غير الاعتبار الشخصي لم يكن معنى صحيح لتعلق الإجازة بالبيع الفضولي إلا وجود لشئ حال الإجازة على بعض الأقوال . للوجدان ،