سواء كان من غير أهل القبلة كاليهود و النصارى أو منهم كالمجسّمة و الخوارج و الغلاة عند من يكفرهم أما الأول فمجمع عليه سواء كان من مذهبه تحريم الكذب أو لم يكن و إن كان أبو حنيفة يقبل شهادة الذمي على مثله لأنه صرّح بعدم قبول روايته فلم يكن ذلك قادحا في الإجماع و لأنه فاسق و في الرعاية شرح الدراية اتفق أئمة الحديث و أصول الفقه على اشتراط إسلام الراوي حال روايته و إن لم يكن مسلما حال تحمله فلا تقبل رواية الكافر و إن علم من دينه التحرز عن الكذب و في الإحكام لا خلاف في امتناع قبول رواية الكافر و عليه إجماع الأمة الإسلامية سلب لأهلية هذا المنصب الشريفة عنه لخسته و في المختصر و شرحه من الشروط الإسلام للإجماع و منها ما تمسّك به في التهذيب و النهاية و المنية و الرعاية و المعالم و المختصر و شرحه من قوله تعالى إن جاءكم إلى آخره فإن الكافر فاسق و التبيّن في الخبر دليل على عدم حجيّته إذ لو كان بنفسه حجة لما وجب التبين فيه لا يقال لا نسلم أن الكافر يصدق عليه لفظ الفاسق حقيقة و إن كان الكفر أعظم من الفسق فلا يندرج الكافر تحت عموم الآية و قد أشير إلى هذا في جملة من الكتب ففي المسالك في مقام الطعن على من استدل بالآية الشريفة لإثبات اشتراط الإيمان و الإسلام في الشاهد و فيه نظر لأن الفسق إنما يتحقق بفعل المعصية المخصوصة مع العلم بكونها معصية أما مع عدمه بل مع اعتقاد أنه طاعة بل من أمهات الطاعات فلا و الأمر في المخالف للحق في الاعتقاد كذلك لأنه لا يعتقد المعصية بل يزعم أن اعتقاده من أهم الطاعات سواء كان اعتقاده صادرا عن نظر أم تقليد و مع ذلك لا يتحقق الظلم و إنما يتفق ذلك مما يعاند الحق مع علمه به و هذا لا يكاد يتفق و إن توهمه من لا علم له و العامة مع اشتراطهم العدالة في الشاهد يقبلون شهادة المخالف لهم في الأصول ما لم يبلغ خلافه حد الكفر أو يخالف اعتقاده دليلا قطعيا بحيث يكون اعتقاده ناشئا عن محض التقصير و الحق أن العدالة يتحقق في جميع أهل الملل مع قيامهم بمقتضاها بحسب اعتقادهم و يحتاج في إخراج بعض الأفراد إلى الدليل و سيأتي في شهادة أهل الذّمة في الوصيّة ما يدل عليه و على ما ذكره المصنف من فسق المخالف و اشتراط الإيمان بخصوصه مع ما سيأتي من اشتراط العدالة لا حاجة إليه لدخوله فيه و في الزبدة تمنع صدق الفاسق على المخطئ في بعض الأصول بعد بذل مجهوده و نص الأصحاب على توثيقه و لو جامع التفسيق لارتفع الوثوق بعدالة أكثر الموثقين من أصحابنا و في المفاتيح للكاشاني أن الفسق إنما يتحقق بفعل المعصية مع اعتقاد كونه معصية لا مع اعتقاد كونه طاعة و الظلم إنّما يتحقق بمعاندة الحق مع العلم به لأنا نقول ما ذكر باطل بل المعتمد صدق الفاسق حقيقة لغة على الكافر وفاقا لكثير من الكتب و في المبسوط في مقام الاحتجاج على عدم جواز قبول شهادة بعض أهل الذّمة على بعضهم لأنهم كفار فساق و من شرط الشاهد أن يكون عدلا و في الخلاف الكافر فاسق و قريب منه كلام الحلي في السرائر و في الشرائع لا تقبل شهادة غير المؤمن و إن اتصف بالإسلام لاتصافه بالفسق و الظلم المانع من قبول الشهادة و في المختلف العدالة معتبرة في الشهادة و الكافر غير عدل ثم قال أيضا لنا قوله تعالى إن جاءكم إلى آخره أمر بالتثبت عند إخبار الفاسق و الكافر فاسق ثم قال قال أبو الصّلاح الكافر فاسق و في المبادي و شرحه الكافر فاسق و في النهاية لا تقبل رواية الكافر لقوله تعالى إن جاءكم إلى آخره أمر بالتثبت عند أخبار الفاسق و الكافر فاسق فوجب التثبت عند خبره و اعترض بأن اسم الفاسق في عرف الشرع يختص بالمسلم المقدم على الكبيرة و فيه نظر لأنا نمنع من اختصاص الفاسق بالمسلم لقوله تعالى و من لم يحكم بما أنزل اللَّه فأولئك هم الكافرون ثم قال تعالى و من لم يحكم بما أنزل اللَّه فأولئك هم الفاسقون و زيادة الكفر لا مدخل لها في العلية و إلا لم تردّ رواية الفاسق و في التهذيب لا يقبل ذلك لوجوب التثبت عند خبر الفاسق و في الإيضاح لأن كلّ كافر فاسق و لا شيء من الفاسق يقبل شهادته فلا شيء من الكافر يقبل شهادته و الأولى بينّة مجمع عليها بين المسلمين و أما الثانية فلقوله تعالى إن جاءكم إلى آخره و في المنية لا يقبل ذلك لأنه فاسق لقوله تعالى و من لم يحكم بما أنزل اللَّه فأولئك هم الفاسقون فيكون مردودا و في مجمع البيان الفاسق الخارج عن طاعة اللَّه إلى معصيته و في كنز العرفان الفسق لغة الخروج عن الشيء و سميت الفأرة فويسقة لخروجها من بيتها و اصطلاحا الخروج عن طاعة اللَّه مع الإيمان به و في زبدة البيان الفسق الخروج عن الطاعة و في الرعاية لا يقبل خبر الكافر لوجوب التثبت عند خبر الفاسق فيلزم عدم اعتبار خبر الكافر بطريق أولى إذ يشمل الفاسق الكافر و قبول شهادته في الوصية مع أن الرواية أضعف من الشهادة بنصّ خاص فيبقى العام معتبرا في الباقي و يمكن للقائس هنا اعتبار القياس إذ تعديته بالتنبيه بالأدنى على الأعلى و في الروضة و المفاتيح لا تقبل شهادة الكافر لاتصافه بالفسق و الظلم المانعين من قبول الشهادة و في مجمع الفائدة غير الإيمان فسق و هو مانع بالكتاب و السّنة و أكبر الكبائر و في الأخبار ما يدلّ على أن ذلك كفر ثم نقل جملة من الأخبار ثم قال و من ورد في حقه أمثال هذه الأحاديث كيف لا يكون فاسقا فلا معنى لقبول شهادتهم و تسميتهم بالعدالة كما يفهم من شرح الشرائع ثم نقل ما تقدّم عنه ثم قال و أنت تعلم فساد هذا الكلام مع قطع النظر عما ذكرناه فإنه واضح لا يحتاج إلى التنبيه فإنه يلزم عدم فسق كل من اعتقد أن ما يفعل ليس بحرام فلا يكون فاسقا قبل الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و الشرب و الزنا و أنواع المعاصي بل عدم عصيان الكفار و هو ظاهر