( التنبيه الثالث ) إذا تردد الواجب بين أمرين أو أمور ، واتى المكلف ببعض المحتملات فانكشف مصادفته للواقع ، فلا إشكال في سقوط الواجب فيما إذا كان توصليا . وأما إذا كان الواجب تعبديا ، فهل يسقط أو لا ؟ اختار شيخنا الأنصاري ( ره ) عدم السقوط ، إلا فيما إذا كان المكلف عازما على الموافقة القطعية بالجمع بين المحتملات ، فلو لم يكن قاصدا إلا الاتيان ببعض المحتملات لا يحكم بالصحة . وما ذكره ( ره ) مبنى على اعتبار الجزم في نية العبادة . وحيث انه لم يقم دليل على اعتباره ، كان المرجع هو البراءة ، لما ذكرناه في محله من أنه إذا شك في اعتبار قصد القربة أو قصد الوجه أو التمييز أو الجزم في النية وغيرها مما لم يقم على اعتباره دليل بالخصوص ، يرجع إلى البراءة . وعليه فلو اتى المكلف ببعض المحتملات برجاء إصابة الواقع ، فقد قصد القربة بفعله ، فإذا صادف الواقع كان صحيحا ومسقطا للامر . وظهر مما ذكرناه انه لو دار أمر الواجبين المترتبين كالظهر والعصر بين أفعال متعددة ، لم يعتبر في صحة الثاني الفراغ اليقيني من الأول ، بل يكفي الاتيان ببعض محتملاته ، فإذا دار امر القبلة بين الجهات الأربع ، جاز للمكلف ان يصلي الظهر والعصر إلى جهة ، ثم يصليهما إلى جهة ثانية ، وهكذا نعم لو صلى الظهر إلى جهة لا يجوز له ان يصلي العصر إلى جهة أخرى قبل ان يصلي الظهر إليها . والوجه فيه ظاهر ، فان صلاة العصر حينئذ تكون باطلة يقينا إما لأجل الاخلال بالاستقبال أو الترتيب .