عن القاء في التهلكة ، كقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) و ( منها ) - الآمرة بالتقوى ، كقوله تعالى : ( واتقوا الله ما استطعتم ) ولا يتم الاستدلال بشئ منها . ( اما الأولي ) - فلان حرمة القول بغير العلم مما لا خلاف فيه بين الأخباريين والأصوليين ، فان الأصولي يعترف بأن القول بالترخيص إذا لم يكن مستندا إلى دليل فهو تشريع محرم ، ولكنه يدعي قيام الدليل عليه كما أن الاخباري الفائل بوجوب الاحتياط أيضا يعترف بأن القول - بوجوب الاحتياط من غير دليل عليه - تشريع محرم ، ويدعي قيام الدليل عليه ، فهذه الآية الكريمة الدالة على حرمة القول بغير العلم الجنبية عن المقام . و ( اما الثانية ) - الناهية عن إلقاء النفس في التهلكة ، فلانه ان أريد بها التهلكة الدنيوية ، فلا شك في أنه ليس في ارتكاب الفعل مع الشك في حرمته احتمال الهلكة ، فضلا عن القطع بها . وان أريد بها التهلكة الأخروية أعني العقاب ، فكان الحكم بترك القاء النفس فيها إرشاديا محضا ، إذ لا يترتب على ايقاع النفس في العقاب الأخروي عقاب آخر ، كي يكون النهي عنه مولويا مضافا إلى أن الأصولي يرى ثبوت المؤمن من العقاب . فلا اثر لهذا النهي . و ( اما الثالثة ) - الآمرة بالتقوى ، فلان ارتكاب الشبهة استنادا إلى ما يدل على الترخيص شرعا وعقلا ليس منافيا للتقوى . هذا ان كان المراد بالتقوى هو التحفظ عن ارتكاب ما يوجب استحقاق العقاب . واما لو كان المراد بها التحفظ عن الوقوع في المفاسد الواقعية فهو غير واجب قطعا ولذا اتفق الأخباريون والأصوليون على جواز الرجوع إلى البراءة في الشبهات الموضوعية ، بل وفي الحكمية أيضا ان كانت وجوبية ، فكانت الآية الشريفة محمولة على الارشاد لا محالة .