المتجرى به على ما هو عليه في الواقع من المحبوبية أو المبغوضية أم لا ؟ لأنه قد اتضح مما ذكرناه ان القبح العقلي وإن لم يكن مستتبعا للحكم الشرعي ، لكنه يستلزم حكم العقل باستحقاق العقاب علي نفس التجري . بمعنى ان العقل يدرك كون المتجري مستحقا للعقاب ، للتعدي على المولي وهتكه ، وخروجه عن رسوم عبوديته ، كما في المعصية ، بلا فرق بينهما من هذه الجهة ، وما ذكره صاحب الفصول ( ره ) - من الأمثلة لبيان الفرق بين التجري والعصيان - أجنبي عن المقام لكون الفرق المذكور في الأمثلة لأجل التشفي المستحيل في حقه تعالى ، فإذا أراد عبد قتل ابن المولى وصادفه فلا محالة كان عقابه أشد بنظر المولى ممن أراد قتل ابن المولى ولم يصادفه ، بل صادف عدوه ، إلا أنه لأجل التشفي ، ومع قطع النظر عنه لا فرق بينهما من حيث استحقاق العقاب لوحدة الملاك وهو الهتك . ( تنبيهات ) ( التنبيه الأول ) - ان محل الكلام في التجري هو القطع الطريقي . واما القطع الموضوعي فلا يتصور فيه كشف الخلاف بالنسبة إلى الحكم ، ليتحقق التجري ، وكذا لو اخذ الظن في موضوع الحكم ، بل لو اخذ الاحتمال فيه ، ففي الجميع يكون الحكم ثابتا واقعا ، ولو كان القطع أو الظن أو الاحتمال مخالفا للواقع ، لكون موضوع الحكم هو نفس القطع أو الظن أو الاحتمال ، وبعد انكشاف الخلاف ينتفي الحكم بانتفاء موضوعه ، فليس هناك تجر أصلا . وبما ذكرناه ظهر فساد التمسك لحرمة التجري بالاجماع ، على أن سلوك طريق مظنون الضرر معصية ، ولو انكشف الخلاف ، فلو فاتت الصلاة منه في سفر مظنون الضرر لا بد من القضاء تماما ، ولو بعد انكشاف عدم الضرر ، وكذا