فإذا ما الذي يوجب إفادتها ؟ وليس ذلك إلا الحرف أو ما يشبهه ، لعدم دال آخر على الفرض ، ونفس الكلمة لا تدل إلا على الطبيعي الجامع ، وهكذا . . . وبكلمة واضحة : أن وضع الحروف لذلك المعنى من نتائج وثمرات مسلكنا في مسألة الوضع ، فإن القول بالتعهد لا محالة يستلزم وضعها لذلك ، حيث عرفت [1] أن الغرض قد يتعلق بتفهيم الطبيعي ، وقد يتعلق بتفهيم الحصة ، والمفروض أنه لا يكون عليها دال ما عدا الحروف وتوابعها ، فلا محالة يتعهد الواضع ذكرها أو ذكر توابعها عند قصد تفهيم حصة خاصة . فلو قصد تفهيم حصة من طبيعي الماء - مثلا - كماء له مادة أو ماء البئر يبرزه بقوله : " ما كان له مادة لا ينفعل بالملاقاة " أو " ماء البئر معتصم " فكلمة " اللام " في الأول وهيئة الإضافة في الثاني تدلان على أن المراد من الماء ليس هو الطبيعة السارية إلى كل فرد ، بل خصوص حصة منه . ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحصص موجودة في الخارج أو معدومة ، ممكنة كانت أو ممتنعة . ومن هنا يصح استعمالها في صفات الواجب تعالى والإنتزاعيات : كالإمكان والامتناع ونحوهما ، والاعتباريات : كالأحكام الشرعية والعرفية بلا لحاظ عناية في البين . مع أن تحقق النسبة في تلك الموارد حتى بمفاد " هل البسيطة " مستحيل . وجه الصحة : هو أن الحروف وضعت لإفادة تضييق المعنى في عالم المفهومية ، مع قطع النظر عن كونه موجودا في الخارج أو معدوما ، ممكنا كان أو ممتنعا ، فإنها على جميع التقادير تدل على تضييقه وتخصيصه بخصوصية ما على نسق واحد . فلا فرق بين قولنا : " ثبوت القيام لزيد ممكن " و : " ثبوت القدرة لله تعالى ضروري " و : " ثبوت الوجود لشريك الباري ممتنع " ، فكلمة " اللام " في جميع ذلك استعملت في معنى واحد ، وهو : تخصص مدخولها بخصوصية ما في عالم المعنى ،